أُنشئ جيش التحرير الشعبي الصيني في الأول من أغسطس عام ١٩٢٧ بمدينة نانتشانغ بمقاطعة جيانغشي جنوب الصين بمظهر جديد تماماً: إن روح الجيش تتمثل بالتمسك بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، وغايته هي خدمة شعبه بكل إخلاص. وهذا الجيش يهتم بالوعي السياسي والإصلاح الذاتي بشكل كامل، والاستمرار في استيعاب كافة المعارف والنظرات المتقدمة، ودراسة الحرب من خلال الحروب ضد أعدائه في الداخل الصين والخارج. وهذا الجيش قد تغلّب على جميع المصاعب واحدة تلو الاخرى، وحقق النصر في كافة الحروب، اعتماداً على الإيمان الراسخ والروح البطولية والإرادة الحديدية والتكتيك والاستراتيجية المرنة، بما قد كتب ملحمةً رائعة وعظيمة ستستمر للأبد.
في خلال الخمسة وتسعين سنة الماضية ، تمتع جيش التحرير الشعبي الصيني بروح الإخلاص والقدرة على الدفاع والرغبة في الحفاط على طبيعته، وهو دائما ترقى إلى مستوى توقعات الجميع ونجح في تنفيذ جميع مهامه بالإنجازات العظيمة التي ستظل خالدةً في التاريخ، وذلك من أجل قضية تحرير الشعب الصيني وبناء الاشتراكية الصينية، والدفاع عن سيادة الوطن وأمنه وتطوير مصالحه، والحفاظ على السلام العالمي وتحفيز التقدم البشري. دائماً يضع الجيش الصيني الشعب الصيني في أعلى المكانة، فإذا كان الشعب في أشد الحاجة وواجه أي مخاطر دائماً يجد جيشه يقف بجانبه. فمنذ عام ٢٠١٢ تم ارسال مليون جندي، وهم شاركوا في العديد من عمليات الانقاذ منها عمليات الاغاثة خلال زلزال محافظة لو ديان في مقاطعة يوننان واعصار هاتو في تايوان ومكافحة وباء فيروس كورونا المستجد، بل ولعب دوراً مهماً في حماية مصالح الشعب الصيني، وذاع صيته بصورته القوية والمتحضرة والمسالمة، وحاز على ثقة وثناء الشعب الصيني وجميع محبي السلام في العالم.
خلال الخمسة وتسعين سنة الماضية، شهد الجيش الصيني تطوراً وتغييراً ملحوظاً خلال كافة المعارك التي خاضها، فقد قفز الجيش الصيني من جيش صغير إلى جيش كبير ومن جيش ضعيف إلى جيش قوي، وقد استطاع التطور من كونه جيشا ذا فرع واحد إلى جيش قوي يجمع العديد من القوات الذي يتمتع بحداثة ومازال يمضي قدماً نحو المعلوماتية. وفي خلال مسيرة الجيش الحافلة بالانتصارات المتتالية، استطاع أن يشكل سلسلة من العادات والسمات الجيدة المتمثلة في معتقداته الراسخة وروحه النبيلة وغايته الأصلية الثابتة والانضباط الحديدي والطبيعة السياسية وغيرها من المجالات، فهذه هي الثروة الروحية الغالية لجيش التحرير الشعبي الصيني وإرثه، بل جيناتنا الثورية وكلمة السر للانتصارات.
فقد مهدت أمجاد الأمس طرقا لتطور اليوم، وتطور اليوم هو امتداد لكفاح الأمس. منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، انطلاقا من الحفاظ على الأمن القومي والتطبيق للاستراتيجية التنموية، وبهدف بناء الجيش على مستوى عالمي، قام الجيش الصيني بتعميق الإصلاح للدفاع الوطني بشكل شامل وتغلب على العقبات المؤسسية والتناقضات الهيكلية والعيوب السياساتية، ونجح في أتمام إعادة التشكيل للهيكل التنظيمي على نحو كامل، بما يقدم أفقاً ومظهراً جديدين للجيش.
الدولة القوية
إن الدولة القوية تحتاج إلى جيش قوي، والجيش القوي يضمن الأمن الوطني. الصين هي الوحيدة من بين الدول الرئيسية التي لم تتوحد بشكل كامل بعد، فإنها واحدة من أكثر البلدان المحاطة بالأوضاع الأمنية الأكثر تعقيدًا في العالم. فيطبق الجيش الصيني أفكار شي جينبينغ بشأن تقوية الجيش، ويدفع إلى الأمام عملية تحديث الجيش والدفاع الوطني بشكل كامل، ويؤدي المهام التي توكّل له من قبل الحزب والشعب بكل حزم، وذلك لتقديم الدعم الاستراتيجي لتعزيز قيادة الحزب الشيوعي الصيني والنظام الاشتراكي، والحفاظ على سيادة الوطن ووحدته وحماية المصالح الخارجية، ولتعزيز السلام والتنمية الدوليين. تلتزم الصين دائما بانتهاج سياسة الدفاع الوطني للأغراض الدفاعية، فمن المستحيل أن تمثل تهديداً لأحد مهما كان تطورها في المستقبل، ولن تسعى أبدًا إلى الهيمنة أو التوسع ولا تسعى إلى مناطق النفوذ.
يشهد العالم في الوقت الحالي أزمات وتحديات متزايدة، وتزيد باستمرار توقعات المجتمع الدولي إلى الجيش الصيني. وتوفر الصين للعالم العدد المتزايد من منتجات الأمن العام، ولقد اصبحت ثاني أكبر دولة في العالم من حيث المساهمة في ميزانية حفظ السلام، وأكبر دولة من بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن من حيث عدد الأفراد المبعوثين لعمليات حفظ السلام. يلتزم الجيش الصيني بالمسؤوليات الدولية كجيش الدولة الكبيرة، وهو يدعم الجهود الدولية في حفظ السلام بنشاط. وحتى الآن، لقد شارك في ٢٥ عملية حفظ السلام، وأرسل ما يقرب من خمسين ألف فرد عسكري، وأنشأ وأصلح طرقاً بلغ طولُها أكثر من ١٨ ألف كيلومتر وأكثر من ثلاث مائة جسر، وأزال أكثر من ١٦ ألف لغم وأنواع مختلفة من الذخائر غير المتفجرة، وقطع أكثر من ١٣ مليون كيلومتر من المسافة لنقل أكثر من مليون و ٢٠٠ ألف طن من المواد والمعدات، وقدم الرعاية الطبية لأكثر من ٢٥٤ ألف مريض. ولقد ضحى ١٦ فردا عسكريا صينيا بحياته على الجبهة الأمامية لعمليات حفظ السلام في أكثر من عشرين دولة ومنطقة من بينهم جمهورية الكونغو الديموقراطية وليبريا والسودان ولبنان. وللحفاظ على أمن الممرات البحرية الدولية، لقد أرسلت القوات البحرية الصينية ٤١ تشكيلاً بحرياً لمرافقة وتأمين ٧٠٠٠ سفينة مدنية، وتشكل السفن الأجنبية أكثر من نصف هذا العدد. كما شارك بنشاط في عمليات الإغاثة الإنسانية الدولية ، مثل عمليات البحث عن الرحلة الماليزية المفقودة MH370، ومكافحة وباء الإيبولا في غرب إفريقيا ،وما إلى آخره. والجيش الصيني قد وفر عددا كبيرا من المستلزمات الطبية لمكافحة وباء فيروس كورونا مثل اللقاحات والملابس الواقية لجيوش أكثر من ٢٠ دولة. وكما زارت سفينة المستشفى ”سفينة السلام“ ٤٣ دولة وقدمت الرعاية الطبية إلى ٢٣٠ ألف شخص. لقد حاز الجيش الصيني على إشادة واسعة من المجتمع الدولي من خلال تنفيذ عمليات حفظ السلام الأممية ومرافقة السفن المدنية وعمليات الإنقاذ والإغاثة، وسوف يستمر فيها أكثر فأكثر في المستقبل.
الصين ومصر صديقان حميمان وشريكان عزيزان وأخوان طيبان، ويعتبر جيشا البلدين أن حماية سيادة بلاده وأمنها وتنمية مصالحها هي مسؤوليته المقدسة، فكلاهما القوات المسلحة التي تنال ثقة ودعم شعبه. يعمق الجيشان التعاون المشترك يوماً بعد يوم في العديد من المجالات، من بينها تبادل الزيارات رفيعة المستوى وتدريب القوات وتكنولوجيا التسليح والخ، حقق فيها الجانبان نتائج مثمرة. وفي السنوات الأخيرة، قام عدد من كبار القادة من كلا الجيشين بتبادل الزيارات، بما يضخ قوة قوية على تحسين مستوى العلاقات بين الجيشين. سيقدم الجيشان دعماً قوياً من أجل أمن واستقرار وسلامة وتنمية بلديهما، والمساهمة بإيجابية في دفع علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.
تصادف هذه السنة الذكرى الـ66 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر. فنحن على الاستعداد للمضي قدما يداً بيد مع الجانب المصري نحو العصر الجديد تحت الإرشاد الاستراتيجي من رئيسي البلدين، وتعزيز المواءمة بين مبادرة ”الحزام والطريق“ و” رؤية مصر٢٠٣٠“ وغيرها من الاستراتيجيات التنموية على نحو وثيق، والاستمرار في تعميق التعاون بين جيشي البلدين، بما يقدم مساهمات أكبر في تعزيز التنمية السلمية على الصعيدين الإقليمي والدولي ويخدم مصلحة البلدين والشعبين.