كتب: محمد غمري
أدى طلاب الثانوية العامة 2022، اليوم الاثنين، امتحان مادة التربية الدينية، غير المضافة للمجموع، وهو ما يعد أمرًا جديدًا على طلاب الثانوية العامة نظرًا لتأديتهم امتحان”الدين”، طوال العامين الماضيين وفقًا لنظام البوكليت، وشهد الامتحان سؤال عن حادث الإفك.
ما هي حادثة الإفك.
كان كلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى سفرا اقترع على زوجاته قرعة، ومن يخرج عليها السهم تذهب معه في سفره وكان وقتها يستمر السفر إلي شهرين أوثلاثة، فكان لابد لزوجة من زوجات النبي صلي الله عليه وسلم، أن تكون معه في السفر الشاق.
جاءت القرعة والسهم لصالح أم المؤمنين السيدة عائشة، في غزوة بني المصطلق، فخرجت عائشة إلي تلك المعركة بصحبة النبي صلي الله عليه وسلم، وأثناء ذهابهم في المعركة كانت توضع المرأة علي هودج وهذا الهودج يوضع فوق بعير وتضع المرأة بداخله حتى تأخذ راحتها، ويكون بينها وبين الرجال حجاب يخفي المرأة عن أعين الرجال.
فأرادوا أن يستريحون فخرجت أم المؤمنين لتقضي حاجتها ثم عادت، وإذ بها تفقد عقدا عادت لتبحث عنه، في نفس المكان وفوجئت بأن أصحاب رسول الله يمضون في طريقهم، وهي مكانها جالسة لا تتحرك علي أمل أن يدركون فقدانها فيرجعون.
صفوان بن المعطل السلمي
كان أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه، يسير وراء الجيش لجمع ما سقط منهم سهوا، وكان الصحابة يعتمدون الخبرة والالتحاق بالجيش بأن يأتي بأي شئ فقدوه أو قد نسوه الصحابة بعد ذهابهم، وعندما رأي صفوان أم المؤمنين قد تعرف عليها، فقال لا حول ولاقوة إلا بالله، وإن لله وإنا إليه راجعون، وركب على البعير بصمت مديرًا ظهره لأم المؤمنين وحملها على بعيره.
حاول المنافقون الطعن في عرض النبي صلى الله عليه وسلم بالافتراء على السيدة عائشة رضي الله عنها بما يعرف في كتب السيرة بحادثة الإفك، والذي كان القصد منها النيل من النبي صلى الله عليه وسلم ومن أهل بيته الأطهار، لإحداث الاضطراب والخلل في المجتمع الإسلامي.
حادثة الإفك والكشف عن المنافقين
كانت هذه الحادثة سبباً في الكشف عن المنافقين، حيث تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم للكثير من حوادث الإيذاء، والمحن والتي كان من أبرزها حادثة الإفك، وكان من فضل الله ورحمته أن كشف بطلانها، وأبقى دروسها، لتكون عبرة وعظة للأمة والمجتمع إلي قيام الساعة.
كما وردت في كتب الحديث والسيرة : أن المنافقين استغلوا حادثة وقعت لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في طريق العودة من غزوة بني المصطلق، حين نزلت من هودجها لبعض شأنها، فلما عادت افتقدت عقدا لها، فرجعت تبحث عنه، وحمل الرجال الهودج ووضعوه على البعير، وهم يظنون إنها معهم، وحين عادت لم تجدهم، فجلست مكانها تنتظر أن يعودوا إليها بعد أن يكتشفوا غيابها.
الدعاء للفت الانتباه
وقد ذكرت السيدة عائشة أنه حين وجدها ذلك الصحابى كانت نائمة فأدار ظهره لها وبدأ يدعو بصوت عالى حتى يلفت انتباهها وبعد أن استيقظت على صوته، فقد أنزل لها الجمل حتى تركب عليه وأكمل مسيرته، وقالت السيدة عائشة أنه لم يتكلم معها طوال الطريق، وهذا الصحابي كان يعلم أنها زوجة رسول الله وبنت أبى بكر الصديق وأوصلها إلى المدينة.
أستغل المنافقون هذا الحادث، ونسجوا حوله الإشاعات الباطلة، وتولى ذلك كبير المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول، وأوقع في الكلام معه ثلاثة من المسلمين، هم مسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحَمنة بنت جحش فاتُهِمت أم المؤمنين عائشة بالإفك.
وقد تعرض النبي صلى الله عليه وسلم بما كان يقال إلى إيذاء شديدا، وصرح بذلك للمسلمين في المسجد، حيث أعلن ثقته التامة بزوجته وبالصحابي ابن المعطل السلمي.
وقد حرص الرسول على أن لا تقوم الفتنة بين المسلمين وقتها، فقد أبدى سعد بن معاذ أستعداده لقتل من تسبب فى هذا الأذى لرسول الله والسيدة عائشة، وقد أظهر سعد بن عبادة معارضته بسبب كون عبد الله بن أبي بن سلول من قبيلته، ولولا تدخل النبي صلى الله عليه وسلم وتهدئته للصحابة من الفريقين لوقعت الفتنة بين الأوس والخزرج.
مرض السيدة عائشة وحزن الرسول
ومرضت السيدة عائشة بسبب تأثرها بهذا الكلام الذى يقال عليها، وبسبب أيذاء الرسول فستأذنت منه في الأنتقال إلى بيت أبيها، وفى تلك الفترة فقد أنقطع الوحي لمدة شهراً، فقد عانا الرسول خلال هذه الفترة معاناة شديدة حتى أمر الله الوحي بالنزول وتبرئة السيدة عائشة وقد كرمها الله بنزول آية قرآنيا تبرئها فقد نزل قول الله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ. لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ. لَوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ . وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ . إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ . وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ . يَعِظُكُمُ اللهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ . وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآَيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ . وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } (النور: 11-20).فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكانت أو كلمة تكلم بها أن قال: (يا عائشة، أما والله فقد برأك).فقالت أم السيدة عائشة لها: قومي إليه، فقالت السيدة عائشة: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله عز وجل.
الدروس المستفادة من حادثة الإفك
كما أن من الفوائد المترتبة على هذه الحادثة، تشريع حد القذف وأهميته في المحافظة على أعراض المسلمين، فعندما وقعت حادثة الإفك أراد الله عز وجل أن يشرع بعض الأحكام التي تساهم في المحافظة على أعراض المؤمنين، ومن الفوائد الهامة من هذه الحادثة، التوقف عند أمر الله عز وجل بالطاعة، وإن كانت مخالفة لرغبة الإنسان وهواه، وعدم ترك النفقة على الأقارب والفقراء وإن أساءوا، والحث على العفو والصفح عمن أساء إليك، فقد ظهر ذلك في موقف أبي بكر رضي الله عنه، الذي كان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره، فلما أنزل الله براءة عائشة رضي الله عنها قال أبو بكر:” والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال في عائشة، فأنزل الله تعالى: { وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم ٌ} (النور:22).