في أوائل القرن العشرين كانت المملكة المصرية في ذلك الوقت وتحديدًا في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني على موعد مع إنشاء أول جامعة في مصر؛ الحلم الذي ظل أبناء الوطن يحلمون به ويسعون إليه.
أول جامعة في مصر
أول جامعة أنشئت في مصر كانت بتاريخ 21 ديسمبر عام 1908، حيث أعلن داخل قاعة مجلس شورى القوانين بالقاهرة وبحضور الخديوي عباس الثاني، افتتاح أول جامعة مصرية بالمعنى الحديث.
وفي الحفل المهيب لإعلان أول جامعة مصرية وتعرف بـ «الجامعة الأهلية»، والتي تعرف الآن باسم جامعة القاهرة والتي تعد أقدم جامعة مصرية، فما حكاية أول جامعة تأسست في مصر؟
إنشاء أول جامعة في مصر
في البداية، كانت مصر لديها ما يسمى بالحركة الوطنية التي تعرف بـ «حركة التنوير والفكر الاجتماعي» في ذلك الوقت تبحث وتسعى لإنشاء أول جامعة في مصر وطنية على أرض مصر؛ من أجل النهضة بالبلاد في شتى مناحي الحياة. وكان على رأس الحركة الوطنية روادها أمثال محمد عبده، مصطفى كامل، محمد فريد، قاسم أمين وسعد زغلول.
ولتعلم عزيزي القارئ خاصة وإن كُنت على أبواب الجامعة، أن إنشاء أول جامعة مصرية في ذلك الوقت لم يكن بالأمر السهل اليسير بل كان بشق الأنفس ودفع كل ما هو غالي ونفيس وكذلك الفداء بالأرواح المصرية من أجل جعل هذه الفكرة حقيقة على أرض الوطن.
ولعلك درست في كتاب الدراسات الاجتماعية أو في كتب التاريخ أن هناك شخصية تُدعى اللورد كرور، الذي كان على رأس سلطات الاحتلال البريطاني لمصر في هذا الوقت، هذه الشخصية كانت تٌعارض وبشدة فكرة إنشاء جامعة مصرية؛ لأنه يعلم تمامًا إن إنشاء أول جامعة في مصر وبسواعد مصرية سيكون الطريق الممهد لإيجاد طبقة مثقفة بين صفوف المصريين.
وهذا بدوره يعني استقلال الشخصية المصرية وانطلاقها واستقلال الوطن بدوره، وهذا ما كان يرفضه بشده الاستعمار البريطاني. لكن اللورد كرومر لم يفلح في ثني عضد المصريين، ففي عام 1908 كانت مصر تحتفل في حفل مهيب بإنشاء أول جامعة مصرية لها ويعد أحمد لطفي السيد أول رئيس لجامعة القاهرة.
لكن الجامعة في ذلك الوقت لم يكن لها جدران أو ما يعرف بالمعنى الحديث الحرم الجامعي، فبعد الافتتاح بدأت المحاضرات مباشرة داخل مجلس شورى القوانين، ويتم إعلان المحاضرات وقاعاتها عبر الصحف اليومية، ولم يكن مجلس الشورى فقط من يحتضن المحاضرات بل كان نادي المدارس العليا، ودار الجريدة، الذي يعرف مقرها حاليًا باسم الجامعة الأمريكية في القاهرة بميدان التحرير، كان مقر الجريدة في الأساس هو سراي الخواجة نستور جناكليس.
وفي حقيقة الأمر إن ولادة أول جامعة في مصر لم يكن بالأمر يسير بل كان مثل الولادة المتعثرة، فالحرب العالمية الأولى ألقت بكاهلها على الوطن، لذلك انتقل مقر الجامعة المصرية إلى سراي محمد صدقي، الكائنة بميدان الأزهار بشارع الفلكي؛ في محاولة لاقتصاد النفقات.
الجامعة الأهلية
ونظرًا لأن الجامعة المصرية لم يكن لها حرم جامعي ولم تسن لها القوانين واللوائح التنظيمية، بدأت أولى خطواتها لتكون أول جامعة حكومية بتكوين نواة لهيئة التدريس وعرفت باسم الجامعة الأهلية، بعد ابتعاث طلاب مصر إلى قارة أوروبا للحصول على درجة الدكتوراه والعودة مرة أخرى للتدريس داخل الجامعة ويكونوا أعضاء هيئة التدريس وكان على رأسهم طه حسين، منصور فهمي، أحمد ضيف.
وفي عام 1917 ضمت الجامعة الأهلية مدرستا الحقوق والطب بتاريخ 12 مارس 1923، وتم الاتفاق بعد ذلك أن تكون كلية الآداب هي نواة الجامعة الحكومية الجديدة، بعد اتفاق الحكومة المصرية وإدارة الجامعة الأهلية.
وفي 11 مارس 1925 صدر مرسوم بقانون إنشاء الجامعة الحكومية باسم الجامعة المصرية، تضم 4 كليات وهم الآداب، العلوم، الطب والحقوق، وفي العام ذاته ضمت مدرسة الصيدلة لكلية الطب.
وفي عام 1928، وبتبرع من الأميرة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل تم إنشاء الحرم الجامعي لأول جامعة في مصر «الجامعة المصرية» في مقرها الرسمي في موقعها الحالي، وكانت الأميرة فاطمة شخصية سخية للغاية فيما يتعلق بالعلم فالأميرة كانت تقدم كل ما بوسعها من أجل تكوين هذه الجامعة.
ومنذ 22 أغسطس عام 1935 بدأت الجامعة في التوسع بدمج المدارس العليا للجامعة وتحويلها إلى كليات، فالمرسوم الملكي بقانون 91 أقر بإدماج مدارس الهندسة والزراعة والتجارة العليا والطب البيطري إلى الجامعة، وفي العام ذاته وتحديدًا في 31 أكتوبر ضم معهد الأحياء المائية للجامعة. وفي عام 1938 أصبحت مدرسة الطب البيطري كلية مستقلة بعد انفصالها عن كلية الطب.
جامعة فؤاد الأول
وتحولت الجامعة المصرية إلى جامعة فؤاد الأول بتاريخ 23 مايو 1940، وفقاً لقانون رقم 27، وعقب ذلك في 24 من أبريل 1946 صدر القانون رقم 33 بضم كلية دار العلوم إلى جامعة فؤاد الأول.
جامعة القاهرة
وفي 28 سبتمبر عام 1953 صدر مرسوم بتعديل اسم جامعة فؤاد الأول إلى جامعة القاهرة، وشهدت الجامعة في عام 1955 استقلال كليتي الصيدلة وطب الفم والأسنان، كذلك في العام نفسه أنشئ فرع لجامعة القاهرة في خرطوم.
ويجب أن تتذكر عزيزي الطالب أن اسم جامعة القاهرة لا يزال مقرونًا باسم الأميرة فاطمة بشكل خاص، نظرًا لأنه كانت من وضعت نواة إنشاء الحرم الجامعي، بعد أن عملت على وقف مساحة من أراضيها الزراعية من أجل تمويل الجامعة من خلال ريع هذه الأرض، بل انها تبرعت بجواهرها الثمينة لتوفير السيولة المالية العاجلة للجامعة.
أكبر جامعة في مصر من حيث المساحة
ولكن على الرغم من ذلك، تعد أكبر جامعة في مصر من حيث المساحة هي جامعة حلوان وليس جامعة القاهرة، فجامعة حلوان تقع بمنطقة عين حلوان على مساحة تقدر بنحو 350 فدان؛ لتكون بذلك أكبر جامعة في مصر والشرق الأوسط من حيث المساحة، وتم وضع حجر الأساس لهذه الجامعة عام 1975.
أقدم جامعة في العالم
أما أقدم جامعة في العام فهي تقع في قصبة الشرارة بمدينة فاس في المملكة المغربية وتعرف باسم جامعة القرويين، وهي لا زالت قائمة حتى الآن، وتأسست عام 859 ميلاديًا من قبل السيدة فاطمة الفهري، التي تعهدت بإنفاق ميراثها من أجل إنشاء هذه الجامعة، وترتكز جامعة القرويين على تعليم العلوم الدينية والقانونية الإسلامية.
عدد الجامعات في مصر
وفي عام 2022، وصل عدد الجامعات في مصر إلى 80 جامعة متنوعة التعليم في مصر، منهم 27 جامعة حكومية، 40 جامعة خاصة وأهلية، 3 جامعات تكنولوجية، 4 جامعات أهلية دولية، 6 أفرع للجامعات الأجنبية المرموقة في مصر، أما عدد المعاهد الخاصة العليا والمتوسطة وصل عددهم إلى 196 معهدًا.