لولا الحزب الشيوعى الصينى لما كانت نهضة الصين. لقد اثبت الحزب الشيوعى الصينى ، و مكتبه السياسى ، و لجنته المركزية ، و زعاماته التاريخية و خاصة على مدار الاربعين عاما الماضية ، و بصفة خاصة فخامة الرئيس شى جين بينج ، قدرة فائقة على استيعاب المتغيرات على المستوى المحلى و الاقليمى و الدولى ، و استيعاب ضرورات التطوير الذاتى من الداخل بشكل مستمر ، اذ ان ذلك هو الوحيد الكفيل بتحول الصين الى مجتمع متقدم كدولة و كشعب يقارع الدول المتقدمة فى عالمنا المعاصر.
لقد اثبت الحزب ايضا ً و حقق نجاحا ملموسا ً فى التصدى للتحديات العديدة التى واجهها فى العصر الحديث ، و طوال الاربعين عام الماضية ، و لايزال ، بالرغم من الصعوبات و العراقيل و الضغوط التى يواجهها بشكل متواصل ، فالصين لم تعد تلك الدولة التى ضربت من حولها العزلة بفعل حصار بعض القوى الدولية لها ، و انما دولة فتية تحقق يوما بعد يوم تقدما ً كبيرا ً فى الكثير من المجالات بل و الريادة كأكبر قوة تجارية فى العالم ، و ثانى اكبر قوة اقتصادية ، ان لم تكون الاولى ، و كقوة حققت سبقا ً فى مجال البحث العلمى و التفنيات الفائقة و التحول الرقمى و الشمول المالى و استخدمات الفضاء و التحول الى الاقتصاد الاخضر و الطاقة الجديدة و المتجددة و أصبحت الصين تحظى بتقدير واحترام المجتمع العالمى.
ومن اسباب نجاح الحزب الشيوعى الصينى فى تحقيق المعجزة الصينية فى القرن ال 21 هو ان الحزب يعيش بنبض الشعب الصينى ، و يدرك المشكلات و التحديات التى يواجهها ، و يعى متطلبات الشعب و تطلعاته للارتقاء بمستوى المعيشة و مضاعفة متوسط دخل الفرد ، و بلوغ مرتبة الحياة الكريمة القائمة على اساس التوزيع العادل للثروات و الموارد على ارضية من الاستغلال الامثل للمصادر المتاحة داخل الصين و تعزيز فرص الانفتاح على العالم الخارجى و الحصول منه على احتياجات الدولة من مستلزمات الانتاج و الطاقة و الاستفادة من الخبرات المتراكمة و تجارب الدول و الشعوب الاخرى. اى ان الحزب جاء من اجل الشعب الصينى و لخدمة الشعب الصينى ولتحقيق طموحات الشعب الصينى و زعاماته فى تحقيق الرفاهية التى تحققت فى المجتمعات المتقدمة.
و لقد نجحت سياسة الانفتاح فى مطلع ثمانينات القرن الماضى التى ارسى قواعدها الحزب الشيوعى الصينى ، وسياسة الاصلاح الاقتصادى التى عمل الحزب بجد فى تطبيقها كتجربة صينية خالصة فيما سمي نمط بكين للتنمية و الذى يختلف تماما عن نمط واشنطن للتنمية ، و الذى لم تلجأ الصين فى أطارها لمؤسسات التمويل الدولية او الاستدانة من الخارج حيث اَثرت ان تعتمد على مواردها الداخلية و قيم الاعتماد الذاتى و الاكتفاء الذاتى فى تحقيقها و شجعت فى اطارها فى تجربة فريدة من نوعها و يحتذى بها على المستوى العالمى ، الصناعات الصغيرة و المتوسطة و متناهية الصغر فأنشأت بذلك مجتمعا ً منتجا ً تطور بشكل كبير على مر الزمن و بحيث نشأت طبقى و سطى ، و هى عماد التقدم و التطور الاقتصادى فى اى دولة ، أخذت فى الازدياد شيئا فشيئا ، و دعم ذلك ما حدث من عودة لاعداد كبيرة من الاجانب من اصول صينية فضلوا العودة الى وطنهم الام و عادوا برؤوس اموالهم و خبراتهم ليساهموا فى جهود تنمية الدولة الصينية. كما ان تزايد الاستثمار الاجنبى المباشر بفعل نجاح و قوة جذب السياسات الصينية المحفزة للاستثمار و ما ارتبط بذلك من تحول الكثير من كبريات المؤسسات الاقتصادية العالمية الى الانتاج انطلاقا ً من الصين ، و لقد اسهم كل ذلك فى تحول كبرى المؤسسات الوطنية الصينية العاملة فى مجالات مختلفة الى مؤسسات قوية اصبحت تعد اليوم من اكبر المؤسسات العالمية و لتغزو بالتالى الاسواق العالمية.
و تمت عملية الاصلاح الاقتصادى مع مرعاة الابعاد الاجتماعية بشكل كامل فى الداخل الصينى و بحيث اصبحت قيمة العدالة الاجتماعية قيمة حقيقية خاصة مع امتداد عملية التنمية المستدامة بشموليتها الى كافة ارجاء الصين دون تهميش اى من اقاليمها رغم تحدى اتساع رقعة الارض فى الصين و الزيادة السكانية فيها. كما ان احد عوامل النجاح فى هذا الاطار كان احكام السيطرة على معدل الزيادة السكانية و الاحتفاظ به فى حدوده الدنيا مع العمل على الزيادة المستمرة لمعدل النمو الاقتصادى. و اقترن ذلك بجهود الدولة و فى صدارتها الحزب الشيوعى الصينى لمحو امية الشعب الصينى اذ حققت الصين نجاحا ً غير مسبوقا ، وتعزز ذلك فى مطلع 2021 بنجاح الصين فى التخلص من الفقر المدقع و الانطلاق فى سياسة محاصرة الفقر و ازالته بشكل كامل فى المرحلة القادمة.
ان الحزب الشيوعى الصينى لهو بمثابة مصنع للرجال و الذى يفرز افضل الكوادر التى تعمل فى كل المجالات و فى كل الاقاليم على تنفيذ اجندة التنمية و التى لا شك ستكون اكثر طموحا ً مع انعقاد المؤتمر العام ال20 للحزب قبل نهاية 2022. ولقد افسح الحزب المجال للشباب بشكل ملفت للنظر فى المرحلة الاخيرة من منطلق القناعة بأن الشباب هم صناع المستقبل و قيادات الغد كما ان شباب اليوم يأتى بفكر مستنير و متطور الصين فى حاجة اليه فى مرحلة تتسم بأختلاف سماتها على المستوى الدولى مقارنة بالمراحل السابقة عليها ، إذ ان التنافس اليوم اشتدت وطأته فى مجالات البحث العلمى والتقنيات الفائقة و الذكاء الاصطناعى و تكنولوجيا الفضاء و غيرها من المجالات العلمية التى تدرك قيادة الحزب الشيوعى الصينى أهمية الابتكار و الاختراع و السبق فى طرح الاوراق العلمية على المستوى الدولى المرتبطة بها و صلة ذلك بحقوق الملكية الفكرية.
و كان لمصنع الرجال او الحزب الشيوعى الصينى السبق فى إدراك أهمية طرح مبادرة خلاقة أطلقها زعيمه الرئيس شى جين بينج عام 2013 إذ أطلق مبادرة الحزام و الطريق فى أطار السعى لاعادة احياء طريق الحرير برا ً و بحرا ً ، و اتسم ذلك بأدراك عميق لما الت اليه الامور فى المجتمع الدولى و ما قد يكون هذا المجتمع مقبل عليه من ازمات إذا لم يتم الاسراع بتدارك الموقف و طرح وجه جديد يتسم بالانسانية لظاهرة العولمة و السعى لتعميق الادراك الدولى بمصير البشرية المشترك و مستقبلها المشترك. و بعد ان انضمت العديد من الدول و المؤسسات الاقليمية و الدولية لهذه المبادرة التى نجحت فى تشييد العديد من المشروعات العملاقة التى لم تقتصر على معالجة المشكلات المتراكمة فى العديد من الدول و خاصة فى مجال البنية التحتية و انما حققت ايضا ً مزيد من الترابط بين مصالح الدول من خلال المشروعات الاقليمية و تلك العابرة للحدود.
و حقا ً نجح الحزب الشيوعى الصينى فى مواجهة اولى التحديات العالمية التى واجهت المبادرة و المتمثلة فى ظهور جائحة كورونا و انتشارها فى العالم حيث تمكنت الصين و خاصة من خلال ادوات المبادرة فى دعم الجهود الاقليمية و الدولية فى محاصرة الجائحة و سارعت فى توفير احتياجات العديد من الدول من المستلزمات الطبية و انتاج اللقاحات التى و فرتها الصين للعديد من الدول بل و وفرت نقل التكنولوجيا الى بعضها و بحيث يتم انتاجها بشكل مشترك و توزيعها الى مناطق العالم المختلفة ليتأكد للعالم اجمع صحة ما روجت له الصين منذ عام 2013 لضرورة التعامل مع التحديات العالمية على اساس من الثقة و الاعتماد المتبادل و المساندة و التعاون بين أطراف الاسرة الدولية.
كما نجح الحزب الشيوعى الصينى و زعاماته فى التصدى على مر التاريخ الحديث للكثير من الازمات و التنمر المتواصل من قبل القوى الغربية و خاصة الولايات المتحدة و ذلك بروح الانفتاح و السعى الدائم للبحث عن الحلول السلمية و عدم السماح بالتصعيد فى الازمات و تحولها الى مواجهات صارخة تنتهى في بعض منها بالحروب و لكن شريطة ان يتوخى المجتمع الدولى الاتى :
1-الاقلاع عن عقلية الحرب الباردة و تغيير الثقافة السياسية السائدة فى هذا الاطار.
2-التخلص من الرغبة المحمومة فى ممارسة الهيمنة.
3-التمسك بالموروثات خاصة ميثاق الامم المتحدة و قواعد القانون الدولى و التصدى لمحاولات تغييرها بالشكل الذى يلبى مصالح البعض على حساب الكل.
4-رفض محاولات المساس بسيادة الدول الاخرى و احترام تكاملها الاقليمى و نبذ التدخل فى الشئون الداخلية للغير و العدوان.
5-توخى ضرورات اتسام العلاقات الدولية بالطابع الديموقراطى و احترام الدول كبيرها و صغيرها.
6-رفض السعى لتحقيق الامن القومى لدول على حساب الامن القومى لدول أخرى.
و لقد تعامل الحزب الشيوعى منذ أنشاء جمهورية الصين الشعبية بقدر كبير من الحكمة و الحنكة فى التعامل مع مؤامرات و مكائد الدول الغربية سواء فيما يتعلق بضرب حصار حول الصين او الحيلولة دون عودة الصين لشغل مقعدها الشرعى بالامم المتحدة و مجلس الامن او فيما يتعلق بقضايا التبت و هونج كونج و تايوان و الاقليات الدينية داخل الصين و خاصة قومية الويغور فى مقاطعة شينجيانج او غيرها من حالات التنمر و التصعيد و الضغوط و مساعى أثارة الفتن بين القوميات داخل الصين و ضرب الاستقرار فى الدولة الصينية و اثارة البلبلة و خاصة من خلال استخدام تقنيات الاتصالات الحديثة و محاولات ايقاف الصعود الصينى و ما تشهده الصين من اختراقات و تطور كبير فى كافة المجالات.
لقد نجح الحزب الشيوعى الصينى فى الحفاظ على علاقات الصين بمناطق العالم المختلفة سواء القارة الاسيوية او العالم العربى او افريقيا او امريكا اللاتنية بل حتى دول اوروبا الغربيىة و نجح فى تطوير تلك العلاقات من خلال اليات عديدة مستحدثة و انعكس ذلك على تعاون الصين مع دول تلك المناطق و تجارتها معها بشكل عزز من مكانة الصين كالقوة العالمية الاولى فى العالم التى يقبل عليها القاصى و الدانى و يخطب و دها و يسعى لتعظيم مصالحه معها و توظيف العلاقات معها بالشكل الذى ينعكس على تطلعات شعوب دول تلك المناطق فى النمو و العيش الكريم.
و لاشك ان الشعب الصينى يشعر بالاحترام والرضا حيال حزبه الحاكم و زعاماته و خاصة الحالية و يقف صفا ً واحدا ً داعما ً لهم و واعيا ً بما يحاك ضد الصين فى بعض عواصم الدول الاخرى التى لم تدرك حتى الان حقائق التاريخ و فلسفة الحزب الشيوعى الصينى فى انشاء المجتمع العالمى ذو الخصائص الانسانية التى تراعى المصير المشترك و المستقبل المشترك للجميع.
السفير علي الحفني،نائب رئيس جمعية الصداقة المصرية الصينية،ونائب وزير الخارجية الأسبق،وسفير مصر الأسبق في الصين