استعرض الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي بكلية الدراسات العليا جامعة القاهرة، المراجعة الشاملة لخطة تطوير التعليم المصري،
والنقاط التي أحدثت جدلا واسعا حول امتحانات الثانوية العامة 2022، والتي تم تناولها في خطة التطوير التي قدمتها وزارة التربية والتعليم.
وطرح «صدى البلد جامعات» النقاط الجدلية في صورة سؤال وجواب من وجهة نظر علمية بحته، والتي جاءت كالتالي:
امتحانات الثانوية العامة 2022
– ما الفائدة من تطبيق التعليم الاليكتروني؟
_ إن التعليم الإلكتروني ليس أمرا جديدا تماما بل هو مطبق حتى في البيئة المصرية ولكن بشكل غير رسمي والجديد فقط هو تطبيقه بشكل رسمي ومنظم.
ويجب التنويه أن فحوى التعليم الإلكتروني ومضمونه هو الاستغناء عن قاعة الدراسة التقليدية واستبدالها بقاعات افتراضية وفي القاعات الافتراضية هذه يتلقى الطلاب الشرح ويناقشون الأستاذ ويسألون ويجيب عليهم الأستاذ ويتم التفاعل ولكن عن بعد وليس وجها لوجه وهو ما يسهم في حل الكثير من المشكلات كازدحام الفصول والحفاظ على الصحة العامة في زمن الأوبئة ويوفر وقت وجهد التلميذ.
ويوجد نمط غير متزامن من التعليم الإلكتروني أي أنه لا يستدعي وجود الطالب والأستاذ معا في نفس الوقت في محاضرة افتراضية وإنما من خلال محاضرات مسجلة يحتفظ بها الطالب ويمكن الرجوع إليها في أي وقت يكون مناسبا للطلاب .
وفي مصر يطبق نظام التعليم المدمج – مراعاة للبعد الإنساني والاتصال المباشر بين الأستاذ والطالب حيث يذهب الطلاب إلى المدارس في أيام محددة لمقابلة الأساتذة في حصص عادية في المدرسة للمناقشة وتنفيذ الأنشطة ,
ويجب الإشارة إلى أن التعليم الاليكتروني لا يغني عن الكتاب الورقي والقراءة منه واصطحابه للمدرسة لأنه كما ذكرنا التعليم الاليكتروني يستهدف موقف التعلم نفسه لتحقيق أغراض وفوائد معينة.
يمكن للطالب أن يستذكر دروسه من الكتاب الورقي ويدخل إلى مصادر المعرفة الإلكترونية كبنك المعرفي المصري مثلا ويبحث ويسجل ملاحظاته ونتائج بحثه للرجوع إليها متى شاء.
الأسئلة المقالية بامتحانات الثانوية العامة
– هل يجب العودة للأسئلة المقالية بامتحانات الثانوية العامة؟
_ الأسئلة المقالية بالفعل تقيس قدرة الطالب على التعبير والتنظيم وتتيح له الحرية في عرض أفكاره ولكن من يضمن أن يتم تقييم هذه القدرات بشكل موضوعي بعيدا عن التحيز والعوامل الذاتية ؟ و يمكن لأولياء الأمور إجراء تجربة بسيطة حيث يجمعون أولادهم ” ولدين أو ثلاثة” مثلا ويقوم الأب والأم بتوجيه سؤال لهما عن أي شيء في المنزل مثلا ويطلبون من الأولاد أن يكتبوا إجابتهم مرتين ويعطي الأب نسخة ليصححها والأم نسخة لتصححها ثم تقارن الدرجة بعد ذلك للطلاب الثلاثة عند كل من الأب والأم وسيجد الوالدان أن هناك تباينا في الدرجات على الرغم من قلة عدد المصححين , وهذه هي المشكلة.
وينبغي الإشارة أيضا إلى أنه كان من الشائع مسبقا أن الطالب قد يفوته الالتحاق بكلية معينة ويضطر إلى الدخول إلى كلية أخرى لنقص مجموع درجاته درجة واحدة قد يكون فقدها في أحد الأسئلة المقالية إذا ولأن للأسئلة المقالية مزايا لا يمكن إغفالها فيمكن أن يتم الاستعانة بها في سنوات النقل والاختبارات الشهرية أما فيما يتعلق بالسنوات النهائية والتي يترتب عليها قرارات مصيرية للطالب ومستقبله فالأولوية المطلقة لتحقيق العدالة والمساواة وتحقيق أكبر قدر من تكافؤ الفرص وبالتالي فلا بديل عن الأسئلة الموضوعية.
وسميت بالأسئلة الموضوعية لتميزها بهذه السمة- فضلا أن القدرات العليا ومهارات التفكير العليا يمكن قياسها بسهولة من خلال الأسئلة الموضوعية أيضا والأمر يحتاج إلى تدريب المعلمين على هذا الأمر بشكل مكثف.
الأوبن بوك بامتحانات الثانوية العامة 2022
– ما المهارات المطلوب تطبيقها بامتحانات الكتاب المفتوح؟
هذا النمط من الامتحانات يكون مفيدا ومطلوبا في الامتحانات التي تركز على المهارة أو على مهارات البحث والاستكشاف والتنظيم كإعداد مشروع بحثي أو بحث علمي أو غير ذلك من المهارات , كذلك في المواد التي تكثر فيها المعادلات والإحصاءات والقوانين التي يصعب حفظها ولكن يكفي فهمها وفهم كيفية تطبيقها ومتي يمكن الاستعانة بها.
ويمكن تضمينها في ورقة الأسئلة أو تقديمها في ورقة منفصلة أي أن خلاصة امتحانات الكتاب المفتوح يجب أن يقتصر استخدامها على جانب التطبيق الذي لا يتطلب من التلميذ إلا معرفة العلاقات وكيفية التوظيف , هذا كله إذا لم تكن المعلومات والمعارف هي الأساس أما إذا كان المطلوب هو اكتساب الطالب لمعلومات ومعارف معينة فإنه في هذه الحالة يجب أن يتم الاستغناء عن امتحانات الكتاب المفتوح حتى لا نفاجأ بخريج لا يستطيع إنجاز أعماله إلا باصطحاب مكتبته معه أينما ذهب.
– ما الهدف من تطوير التعليم من نظام يعتمد على الحفظ للاعتماد على الفهم والتطبيق ؟
الحقيقة العلمية التي لا جدال فيها أن المستويات المعرفية الستة التي اقترحها “بلوم” والتي تتضمن ” التذكر – الفهم التطبيق- التحليل – التركيب – التقويم) والتي صاغها في شكل هرمي يشبه السلم لا يمكن الوصول إلى المستوى الأعلى منها إلا من خلال المستوى الأدني بمعنى أنه يجب أن نسعى لوصول التلميذ إلى مستوى التقويم ولكن يجب أن يسبقه تحقيق مستويات التحليل والتركيب والتطبيق والفهم والتذكر , فالتذكر موجود ومطلوب دائما فلا وجود للتعلم بدون ذاكرة ولكن التلميذ قد يحفظ بعض النقاط بدون فهم ” تذكر آلي” وهذا النوع من التذكر لا فائدة فيه ولا يمكن من خلاله الوصول إلى المستويات المعرفية العليا , ولكن ” التذكر القائم على الفهم” هو التذكر الأبقى أثرا والأكثر نفعا وهو الذي يمكن من خلاله الوصول إلى المستويات المعرفية العليا , وبالتالي فيجب حينئذ أن نقول إن خطة تطوير التعليم تقتضي القضاء على الحفظ بدون فهم والتذكر الآلي والوصول للحفظ القائم على الفهم والتذكر القائم على المعنى ولا نغفل أو نلغي دور الذاكرة في التعلم.
ورقي أم إلكتروني
– ما الطريقة الأفضل لإجراء امتحانات نهاية العام
؟
البعض يرى أهمية النظام الورقي والبعض الآخر يرى أهمية النظام الاليكتروني في إجراء الاختبارات ومسبقا اقترحنا أن يتم تطبيق نظام البابل شيت وهو حل وسطي حيث يجمع بين مميزات النظام الورقي والنظام الاليكتروني ويتلافى عيوبهما حيث لا يحتاج إلى شبكة انترنت وبالتالي نتخلص من المشكلات المتعلقة بالسيستم والتي يمكن أن تسبب ارتباكا وقلقا لدى الطلاب , وفي الوقت ذاته يمكن تصحيحه بشكل آلي بعيدا عن تدخل العنصر البشري وضمانا للموضوعية الكاملة وتكافؤ الفرص.
أكرر الدعوة مرة أخرى للاستقرار على نظام البابل شيت كنظام أساسي لأداء الاختبارات النهائية في المرحلة الإعدادية والثانوية العامة وتدريب الطلاب عليه وعدم تغيير هذا النظام حتى يشعر الطلاب بالاستقرار في طريقة أداء الامتحانات وبالتالي يسعون لاكتساب مهاراتها , حيث إن عدم تيقنهم من الطريقة التي ستجرى بها الاختبارات تجعلهم لا يسعون لاكتساب أي مهارة ولا يهتمون بالأمر لأنهم غير متيقنين من حدوثه.
وبجب أن تكون خطة الدراسة والتقويم وطريقة أداء الاختبار يجب أن تكون واضحة قبل بداية العام الدراسي ولا ينبغي تأجيلها إلى ما قبل انعقاد الامتحانات بأيام قليلة حتى تكون الأهداف واضحة للطلاب منذ البداية ويستطيعون توجيه نشاطهم نحو تحقيقها بشكل جيد.