ليلة الإسراء والمعراج من الليالي العظيمة والمباركة التي أسر فيها الله تعالى نبيه بأعظم معجزة في التاريخ الإسلامي، وفي مقالنا التالي سنتحدث عن ليلة الإسراء والمعراج و الدروس والعبرة المستفادة منها وتعريف هذه الليلة المباركة.
تعريف الإسراء والمعراج
يُعرّف الإسراء بأنّه انتقال النبي -عليه الصلاة والسلام- مع جبريل -عليه السلام- ليلاً من البيت الحرام في مكّة المُكرمة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس على دابّةِ البُراق، وأمّا المعراج فهو صُعودهما من بيت المقدس إلى السماوات العُلى.
وقد ثبت وقوع هذه الحادثة في القُرآن، والسُنّة، وشهادة الصحابة الكرام بذلك، وهي من إكرام الله -تعالى- لنبيّه.[١]
ما هي ليلة الإسراء والمعراج؟
ليلة الإسراء والمعراج هي الليلة التي أسرى فيها الله تعالى بنبيه من المسجد الحرام في الكعبة إلى المسجد الأقصى بالقدس الشريف، ورحلة الإسراء والمعراج هي من المعجزات التي أيّد الله سبحانه بها نبيه محمد ﷺ، وحدثت المعجزة بين السنة الحادية عشر والثانية عشر من البعثة بعد فقد الرسول ﷺ، لزوجته خديجة بنت خويلد وعمه أبو طالب اللذين كانا يؤنسانه ويؤازرانه، وبعد الأذى والعذاب الذي تعرض له من مدينة الطائف، وضاقت به الأرض، فواساه الله عز وجل بهذه الرحلة المباركة والشريفة، ليقويه حتى أراه الله تعالى الجنة، وأراه إخوته من الأنبياء، وأراه من آياته الكبرى.
ليلة الإسراء والمعراج
بعد أن دعى النبي ﷺ قومه لعبادة الله تعالى وحده لا شريك له، لسنوات عديدة وتحمل كل أنواع العذاب والمشقة في سبيل الدعوة، ولاقى من أهل مكة أنواع العذاب والأضرار، وبعد وفاة عمه وزوجته استدار النبي ولم يجد من ينصره فيخرج إلى الطائف فيقدم دعوته إلى ثقيف، ويجيبونه بأسوأ الأجوبة، ويؤذونه وينالون منه، حتى يسيل الدم من قدميه الشريفتين، وخرج الرسول ﷺ من الطائف مهموماً محزوناً ماشيًا ولا يشعر بنفسه أو من حوله، وبقي على هذه الحالة فترة من الزمن.
مناجاة الرسول ﷺ لربه بالدعاء المشهور
وبعد أن خرج النبي ﷺ من الطائف وسار مهموماً وحيداً، استيقظ وهو في قرن الثعالب فبدأ في مناجاة ربه ودعوته بالدعاء المشهور: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ، أنت أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك أو ينزل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك) ثم يعود الرسول ﷺ إلى مكة المكرمة وهو في حزن وضيق، فيمن الله تعالى عليه بالرحلة المباركة التي ابتدأت في أقدس الأماكن على وجه الأرض وانتهى به الأمر في أعلى طبقات السماء، والإسراء هي الرحلة الأرضية من مكة إلى المسجد الأقصى ليلاً، وأما المعراج: فهي الرحلة السماوية من المسجد الأقصى إلى السموات العلا إلى سدرة المنتهى ثم اللقاء بمالك السموات والأرض سبحانه.
هل هناك أدعية وعبادات ليلة الإسراء والمعراج؟
لم يرد في الكتاب ولا في السنة النبوية الشريفة ما يدل على وجود دعاء أو أذكار معينة في ليلة الإسراء والمعراج، ولم يكن هناك ما يدل على أن الدعاء بليلة الإسراء والمعراج مستجاب، أو أن تكون هذه الليلة ليلة استجابة الدعاء، كما حدث في الدعاء في السجود، أو في الثلث الأخير من الليل، ولم يرد عن السلف الصالحين أنهم خصوا ليلة الإسراء والمعراج ببعض العبادات أو الدعاء أو الطاعات، وليلة الإسراء والمعراج أصلاً اختلف في تحديد وقتها وساعتها، فكيف نحتفل ونصلي في ليلة لا يعرف وقتها؟ قال ابن باز: “ليلة سبع وعشرين من رجب التي يعتقد الكثير من الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادات ولا الطاعات ولا الأدعية، هذا لو عُلمت متى وقتها، فكيف والصحيح والثابت من أقوال العلماء أنها لا تُعرف، وقول مَن قال أنها ليلة 27 من رجب، هو قول باطل تمامًا، لا أساس له من الصحة في الأحاديث النبوية أو حتى الآيات القرآنيّة”، فلنخاف الله ونبتعد عن البدع في الدين والعقيدة.
دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج
كان لرحلة الإسراء والمِعراج الكثير من الدُروس والعبر المستفادة، منها ما يأتي:
تعويضُ الله -تعالى- للنبي -عليه الصلاة والسلام- لصدّ النّاس عنه، وخاصّةً أنّ الحادثة كانت بعد أذى أهل الطائف له، ومَنعُه من دُخول المسجد الحرام إلا بجوار مِطعم بن عديّ، فعوّضه الله -تعالى- بفتح أبواب السماء له، وترحيب أهلها به.
تعزيةٌ ومواساةٌ من الله -تعالى- لنبيّه -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاة زوجته خديجة -رضي الله عنها- وعمّه أبي طالب، فأكرمه برؤية آياتٍ من ربّه وأمور أخرى.
فتنةُ النّاس وامتحانهم؛ من خلال بيان المُصدّق والمُكذّب له، حيث إنّ الذهاب إلى بيت المقدس لا يكون إلا برحلةٍ مقدارُها شهرين ذهاباً وإياباً، وسُمّيّ من حينها أبو بكرٍ -رضي الله عنه- بالصّدّيق؛ لتصديقه للنبي -عليه الصلاة والسلام- في مُعجزة الإسراء والمِعراج.
بيان صدق النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد وصفه للناس ما يعجز البشر عن وصفه.
بيان أهمية الصلاة ومكانتها، حيث إنّها فُرضت في السماء.
الدلالة على أهمية المسجد الحرام والمسجد الأقصى، والربطُ بينهما، وقيامهما على التوحيد والإخلاص.