المبدع هو كشجرة ورافة الظلال تعطى كل حين بلا انقطاع وديمومته تنبع من تعدد صورعطائه، لم يكتف بامتلاكه دفتى الإبداع الصحفى كتابة وإخراجاً فنيًا بل قرر استمرارعطائه لكل الأجيال سواء التى مازالت على طريق التعلم الأكاديمى أوالتى تتمسك بتلابيب المهنة وتبحث عن حل لأزماتها فقد أعطى خلاصة تجربته بالتدريس للطلبة فى المدرجات وبتقديم هذه الرسالة المعنية بعودة الروح للصحافة المصرية وذلك ببحث أسباب الخفوت وطرق السطوع مرة أخرى، رسالة بمثابة تشخيص دقيق وواقعى للأزمة وطرح لطرق الخروج الحتمى منها .
أنه الكاتب الصحفى والمخرج الفنى لأكبر جريدة قومية مصرية ( مدير التحرير التنفيذى السابق للأهرام ) وصاحب المقال الأسبوعى بنفس الجريدة وصاحب كتابى ( هيكل الوصايا الأخيرة ) و( ولما بلغ الأربعين ) أنورعبد اللطيف الذى يكمل مشواره كباحث اكاديمى ومعلم للأجيال الجديدة من شباب الإعلام ، لتكتمل خبراته العملية المهنية المتميزة مع الخبرات الأكاديمية (التدريسية والبحثية ) فى شكل رسالة بحثية يحصل بها هذا الأسبوع على درجة الماجستير بتقدير ممتاز من كلية الآداب جامعة المنوفية تحمل عنوان:(العوامل المؤثرة على التكيف الرقمى للصحف المصرية المطبوعة فى ظل منافسة النشر الاليكترونى) (تحليل انثوجرافى بين الصحف القومية والخاصة )
فلاشك تعانى الصحف والصحافة المطبوعة بشكل عام حالة من التراجع وتشهد منافسة غير متكافئة مع الصحافة الرقمية منذ سنوات وهناك محاولات لرقمنة الصحف لكن مازالت الأزمة ماثلة وجاثمة على مستقبل الصحافة والمؤسسات الصحفية كلها.
يقول صاحب الرسالة الباحث الكاتب الصحفى أنور عبد اللطيف:
رغم الرقمنة في العديد من مؤسسات الدولة لازالت الصحف المطبوعة في هذا العقد تواجه تحديات في إصدارها، من تكاليف إعداد احترافيين ومعدات ورق وأحبار ومبان وتقنيات حديثة، وفي سبيل أداء رسالتها وجدت نفسها في اختبار حقيقي للموازنة بين مسئوليتها الاجتماعية وقدراتها التقنية، على ملاحقة التطورات المتسارعة في المهنة والمنافسة مع النشر الالكتروني، بكل وسائطه “فلم تعد الصحف ولا الصحفي في وسائل الإعلام الجماهيري التقليدية هى المحتكر الوحيد للمعلومة وللخبر والرأي والتفسير والتحليل، ولم يعد الجمهور المتلقي يتلقى سلبيا ما ينشر عليه، بل أصبح القارئ مشاركا بالرأي والتنظير والمعلومة والخبر بل صار القارئ ناشرا أيضا بفضل تقنيات الاتصال والنشر الإلكتروني الحديثة.
وتابع عبد اللطيف : المنافسة على حواس القارئ وعقله تفرض على الصحيفة المطبوعة ملاحقة أدوات النشر السريعة وتقنيات الإبهار والتأثير في رسالتها، وتطويرها وتحديثها، وأصبح من الضروري البحث في تشخيص دقيق للعوامل المؤثرة على التكيف الرقمي للصحف المصرية المطبوعة، وحجم تأثير العوامل الخارجية المرتبطة بالبيئة السياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع الذي تصدر فيه الصحيفة، ومسئولية العوامل الداخلية المرتبطة بمؤسسة الاتصال من نظم إدارية وإمكانيات مادية، وفاعلية العوامل الشخصية والخاصة والاثنوجرافية المرتبطة بحياة القائم بالاتصال نفسه وتربيته وثقافته وحاجته واستعداده وتأهيله.
وعن طريقة إعداد الرسالة قال :
كان من الضروري أن أتعايش مع بيئات العمل من الداخل ولم تمنعنى جائحة كورونا والإجراءات الاحترازية عن هذه المعايشات لمعرفة ودراسة العوامل المؤثرة في في تحديث الأداء،وقد سعت الدراسة لتحديد العوامل المؤثرة على تحديث الصحف ومعوقات التكيف الرقمي للقائم بالاتصال في الصحف المطبوعة، في ضوء نظرية انتشار المبتكرات Diffusion of Innovations، واخترت عينة طبقية من العاملين في صحيفتي الأهرام والمصري اليوم وحاولت من خلال استمارة استبيان بحث محددات العوامل الأكثر تأثيرا في التكيف التكنولوجي على المستويات الفردية والمهنية والتنظيمية في ظل الظروف الحالية لملكية الصحف. من وجهة نظر عينة الدراسة.
وتابع :أكدت الدراسات السابقة على تأثر الرسالة الصحفية بعدد من العوامل مثل التنظيم الإداري للمؤسسات والتأهيل العلمي ونمط الملكية ومساحة الحرية المتاحة؛ لكن لا توجد رسالة علمية بلورت العوامل المؤثرة فى التكيف الرقمى من وجهة نظر مجتمع العاملين في الصحف اليومية القومية والخاصة وارتباطها بتحديث الممارسة المهنية في إنتاج الرسالة وثقافة القائم بالاتصال وتنشئته المهنية والاجتماعية وعلاقات العمل والرضا الوظيفي والضغوط المهنية والنفسية التي يتعرض لها.
جدير بالذكر أن هذه الدراسة تنتمى إلى الدراسات الوصفية التحليلية هدفها الوصف الكامل والدقيق لمشكلة البحث من وجهة نظر المبحوثين في الموقف الاجتماعي او الظاهرة او الحدث، وتفسير هذا الموقف واستقراء خصائصه ورصدها.
طرق الحل ( التوصيات):
وعن طرق الوصول الى الحياة الثانية للصحافة المصرية يقول عبد اللطيف :
1 ـ لابد من التأكيد على الدور الذي يلعبه المحرر الشامل الذى يجمع بين المهارة الفنية والتقنية في التصوير والمونتاج وبين القدرة على الكتابة وتثمينها في إطار سياسة الصحيفة التحريرية، لعله المصمم الإعلامي المتطور في غرفة الأخبار.
2 الدفع بالموهوبين من الجيل الجديد.. المتخصصين في الإعلام بكل تقنياته، ضرورة للتكيف الرقمى في الصحف المصرية بداية من إعدادهم وتنمية قدراتهم وإثراء معارفهم وخلفيتهم الثقافية وقدرتهم على التواصل والتزامه بالأخلاقيات ومدونات السلوك المهنية.
3 ـ العودة بالعمل الصحفي لجعله مشبعاً ماديًا ومهنياً للعاملين فيه، فقد كشفت الدراسة أن أخطر ما تواجهه صحيفة هو ازدواجية الولاء، أو انتشار ظاهرة “بدو الصحافة الرحل” التي تعنى أرتباط الصحفى لصحيفته بالاسم فقط مع السعي للإشباع المادى أو المهنى أو هما معا من منافس آخر، وجد الباحث أن هذا المطلب هو نقطة البداية لأى تحديث أو تطوير.
4ـ وجد ت أن عينة المبحوثين في صحيفة المصري اليوم ينحازون لفكرة تسويقها كصحيفة شابة وعصرية متحررة من قيود التبعية السياسية، كما وجدت نفس الانحياز في عينة الأهرام الانحياز لفكرة الصحيفة القومية الرصينة السباقة لكل جديد مع المحافظة على اتزانها، والتي توفر لها “قوميتها” الفرصة للدقة والمصداقية على حساب الإثارة والجري وراء المكسب التجاري؛ فاكتشفت أن التنوع في الخدمة مع الانحياز للعلامة التجارية هو الانحياز الصحي الداعم لشخصية الصحيفة، وأتوقع أن نرى انعكاس للشخصية على تنوع وتميز المنتج المطبوع والمنتج الرقمي بما يخدم تعدد الخيارات أمام قارئ الصحف المطبوعة
5 ـ أجمع أفراد العينة أن تبرير صعوبة بيع الصحف المطبوعة إلى المنافسة مع الإنترنت فقط أمر متسرع ويكشف عن عدم القدرة على التفكير الجاد في واحدة من أهم التحولات في صناعة النشر والمعلومات بأكمله، ولكنها ترجع إلى القصور في تطوير مضمون الرسالة وشكلها بما يتناسب مع حاجة جمهور الصحيفة، وعدم إدراك هذه الحقيقة يضيع على القائمين على إنتاج الصحف الورقية الفرصة للوصول إلى سر المهنة ووظيفة الصحافة الآن.
6 ـ لابد من إعادة النظر في لوائح التدريس وفي مناهج الدراسة بأقسام الصحافة وتطويرها وتحريرها من قيود اللوائح القديمة، وتوفير المرونة لزيادة ساعات تدريس المواد العملية، بما يتوافق مع ساعات التدريس التي تتطلبها المادة وتطوير علاقة أقسام الصحافة بالمؤسسات الصحفية، بحيث يكون لكل مؤسسـة صحفية أو إعلامية معـهد لتدريب وتأهيل صحفيي المستقبل والخريجين الذين تحتـاجهـم كل عام، بناء على حاجة الطالب واستيعابه ومع حاجة المؤسسات الإعلامية للتخصصات المختلفة في وسائط النشر المتنوعة خاصة في مجال تكنولوجيا الصحافة.
وجدير بالذكرأن الرسالة تمت تحت اشراف الاستاذ الدكتور عبد الجواد سعيد محمد ربيع عميد كلية الاعلام جامعة المنوفية والدكتور اسماعيل ابراهيم َمشرف مساعد ولجنة المناقشة والحكم الاستاذ الدكتور شريف درويش اللبان رئيس قسم الصحافة كلية الاعلام جامعة القاهرة مناقشا ورئيسا والأستاذة الدكتورة ندية عبد النبي القاضي وكيل كلية الاعلام جامعة المنوفية مناقشا.