تواصلت فعاليات المنتدى العالمي الثاني للتعليم العالي والبحث العلمي (رؤية المستقبل) لليوم الثاني على التوالي، والذي تنظمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، خلال الفترة من 8 إلى 10 ديسمبر الجاري، بالعاصمة الإدارية الجديدة، برعاية وتشريف السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية.
أقيمت جلسة حوارية بعنوان “تعددية التخصصات: ضرورة في المستقبل” سامانثا مايلز من جامعة فلوريدا أتلانتيك، وبحضور الجراح العالمي دكتور مجدي يعقوب مؤسس مركز مجدي يعقوب للقلب، ودكتور محمود المتيني رئيس جامعة عين شمس، و دكتورة دينا فام من جامعة سيدني التكنولوجية، ودكتور أحمد السراجي القائم بأعمال عميد كلية الهندسة جامعة لينكولن بالمملكة المتحدة، ود. آنا غريشتينغ سولدر من جامعة هارفارد، ود. هشام العسكري من جامعة تشابمان.
وناقشت الجلسة تعددية التخصصات، والتغيرات التي فرضتها سوق العمل على المناهج في مؤسسات التعليم، وميول واتجاهات الشباب نحو التخصصات التعليمية.
وأكد المشاركون على أهمية إلمام الشباب بكافة المهارات المتصلة بتخصصاتهم، موضحين أن هذا التحدي يبرز عند حاجة سوق العمل لمهارات محددة يفتقدها الشباب، أو توجد لديهم، ولكنها ليست بالتطور المطلوب والمواكب لحاجة سوق العمل الجديدة، مشيرين إلى دور التكنولوجيا في حياتنا، وتأثيرها القوي في إعادة تشكيل الصناعات، وظهور وظائف جديدة واختفاء أخرى، وهو ما يفرض على المؤسسات التعليمية ضرورة تحقيق المواءمة بين المناهج التعليمية واحتياجات سوق العمل، ومواكبة سيناريوهات التعلم المرن والتخصصات البينية، موضحين أن التحديات الجديدة التي فرضتها سوق العمل، أجبرت بعض مؤسسات التعليم على الانتقال من نظم تعليمية تقليدية، تتسم بالانعزال إلى نظم أخرى تتسم بالمرونة، وتجمع بين التخصصات الأكاديمية.
ومن جانبه، أكد دكتور مجدي يعقوب إيمانه الشديد بفكرة تعدد التخصصات، وأهميتها خاصة في مجال الطب، مشيرًا إلى أن بينية التخصصات تعني التعدد، والابتكار، والتقدم، من خلال الدراسة والتعلم والتطبيق، مؤكدًا أننا نعيش الآن حالة من الانعزال بين جميع التخصصات، وحان الوقت من أجل خلق بيئة علمية وبحثية متكاملة لخدمة كافة التخصصات العلمية.
وأشار يعقوب إلى أنه عمل على تطبيق فكرة تعددية التخصصات في مركز القلب بمدينة أسوان، لافتًا إلى أن هناك قسمًا يعمل فيه جميع أطباء وعلماء القلب للبحث عن كل جديد؛ من أجل خدمة هذا المجال الحيوي، مؤكدًا أننا لا نستطيع أن نحقق التقدم في البحث العلمي إلا من خلال تبني فكرة تعددية التخصصات، مشيرًا إلى أن هناك تحركًا كبيرًا في مصر في مجال مشروع الجينوم البشري، وهذا يستلزم وجود تكامل بين كافة التخصصات.
ومن جانبه، أكد دكتور محمود المتيني أهمية بينية التخصصات لدورها المحوري في توليد أفكار وتخصصات جديدة تفيد العلم والمعرفة، مشيرًا إلى أن تعددية التخصصات هي عماد تخصص الجراحة، فالطبيب في مجال الجراحة يحتاج إلى كافة التخصصات المتعلقة بتخصصه، مشيرًا إلى حاجة خريجي الجامعات إلى استيعاب كافة التغيرات التي تفرضها بيئة العمل، وأن يكونوا على وعي تام بأهداف التنمية المستدامة، وكيفية حل المشاكل المجتمعية.
وأضاف المتيني أن جامعة عين شمس تعمل دائمًا على ربط طلبة وخريجى الجامعة بمتطلبات سوق العمل، كما تتم إقامة مركز لحاضنات الأفكار وواحة للعلوم والتكنولوجيا؛ لتعزيز الحوار والأفكار بين الباحثين من مختلف الكليات وانتخاب الأفكار الابتكارية التى يصلح تحويلها لشركات ناشئة، تسهم فى إنتاج منتجات وخدمات قابلة للتسويق محليًّا ودوليَّا، فضلاً عن إنشاء مراكز للتميز في مجالات الطاقة والمياه وإدارة المخلفات، مؤكدًا أن رؤية جامعة عين شمس ترتكز على دمج كافة التخصصات بما يخدم مجتمع المعرفة، مشيرًا إلى أهمية تجاوز كافة التحديات التي تعيق التحول إلى كل ما هو جديد، من خلال تبني سياسة قبول الآخر والتأقلم، والابتعاد عن سياسة الجزر المنعزلة.
ومن ناحيته، أكد د. هشام العسكرى أهمية الجمع بين التخصصات المتعددة، موضحًا أن علم الأرض على سبيل المثال، يتطلب الإلمام بتخصصات الزراعة، والصحة، والطاقة المتجددة، والنظام البيئى، والماء والكوارث والمناخ، لافتًا إلى ضرورة الاهتمام بمعايير البنية التحتية للاتصالات، والانتقال إلى استدامة الأسواق، والجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، والابتكار وريادة الأعمال.
وأشار العسكري إلى ضرورة تقليص الفجوة بين التخصصات، لافتًا إلى وجود عدة مصطلحات في هذا الصدد، منها: (التخصصات المتعددة، والتخصصات البينية، والتخصصات المتعدية) موضحًا أن التخصصات المتعددة تشمل: التخصصات الأكاديمية المختلفة التى تعمل معًا، والاعتماد على معارفها بالتوازى، والتعاون بينها فى إجراء بحث مشترك حول مشكلة واحدة دون تكامل، وفيما يخص التخصصات البينية، فهى تعني عمل التخصصات الأكاديمية معًا، من خلال دمج المعارف والنظريات لتطوير أهداف بحثية مشتركة، بينما تشير التخصصات المتعدية إلى عمل التخصصات الأكاديمية المختلفة معًا؛ لتحقيق التكامل فى المعرفة والطرق وتطوير أهداف بحثية مشتركة.
ومن جانبه، أكد أحمد السراجي أهمية التخصصات البينية لكل الجامعات، مشيرًا إلى أن ما يميز جامعة عن أخرى هو التعليم والتعرض والخبرة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال وجود تكامل بين كافة التخصصات، وحتى يكون هناك أثر ملموس لكل الأبحاث العلمية التي يتم إجراؤها داخل الجامعات، وتصبح ذات جدوى اقتصادية ومتناغمة مع احتياجات المجتمع، مستعرضًا بعض النماذج لتكامل التخصصات في مجال الزراعة والهندسة، والهندسة والصيدلة الكيميائية، والتي أسفرت عن الوصول إلى تركبيات فاعلة جدًّا في مواجهة جائحة كورونا، مشيرًا إلى تعاون جامعة لينكولن في مجال الطيران مع شركة إيرباص العالمية، مؤكدًا ضرورة أن تكون مناهج الجامعات محفزة على الابتكار ومراعية لمبادئ التعرض والخبرة والتعلم.