بقلم: لياو ليتشيانغ سفير جمهورية الصين الشعبية لدى جمهورية مصر العربية ومندوب الصين لدى جامعة الدول العربية
في الرابع من فبراير عام 2022، ستوقد الشعلة الأولمبية رسميًا في الاستاد الوطني الصيني، وسيتسلط الضوء مرة أخرى على بكين “المدينة الأولمبية المزدوجة”، وستشارك كافة شعوب دول العالم في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية. من هنا يسعدني جدًا أن أقدم لأصدقائنا المصريين وللجميع من مختلف الأوساط تعريفا بأحوال الاستعدادات لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين.
لقد تجسد “مفهوم التنمية الجديدة” في الصين خلال عملية التحضير لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية برمتها. إن المفاهيم الأولمبية التنظيمية الأربعة المتمثلة في “صداقة البيئة والمشاركة والانفتاح والنزاهة” هي التجسد الملموس “لمفهوم التنمية الجديدة” أثناء عملية التحضير لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية. إن تنظيم الألعاب الأولمبية بطريقة خضراء يعني الإصرار على الأولوية البيئية؛ والاقتصاد في الموارد؛ وحماية البيئية؛ وصبغ خلفية دورة الألعاب الأولمبية الشتوية بألوان صينية بديعة. أما المشاركة فهي التمسك بمشاركة التفاعل، ومشاركة الجهود، ومشاركة المتعة، حتى يكون للألعاب الأولمبية الشتوية تأثير مجتمعي جيد. أما الانفتاح فيعني الإصرار على التوجه نحو العالم ونحو المستقبل ونحو مواكبة الحداثة، بحيث تصبح الألعاب الأولمبية الشتوية آلة محفزة وداعمة للانفتاح على العالم الخارجي. وأخيرا مفهوم النزاهة في تنظيم الأولمبياد فيعني الاقتصاد، ومكافحة الفساد، ورفع الكفاءة، والالتزام بعدم التهاون مطلقًا مع قضية المنشطات، مما يجعل الألعاب الأولمبية الشتوية نقية شفافة كالثلج. وتحت شعار “مفهوم التنمية الجديدة” حققت الصين سبقا في نهج التخلص من انبعاثات الكربون لتقترب من الصفر في مواقع مشروعات ساحات الجليد الخاصة بأولمبياد بكين الشتوية، مما ساهم في تطوير وتعميم الرياضات الجليدية في الصين، ودفع حوالي 300 مليون شخص للمشاركة في الرياضات الجليدية، وعزز التعاون والتبادلات الثقافية للرياضات الصينية والأجنبية، كما أنشأ ساحة تنافسية عادلة وشفافة للرياضيين في جميع أنحاء العالم.
لقد وصلت عملية الاستعدادات لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية إلى المرحلة النهائية. حيث شهدت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين مراسم تسليم الشعلة الأولمبية في اليونان الشهر الماضي، وبدأ العد التنازلي لـ 100 يوم على حفل الافتتاح، وسطع ضوء درع الأولمبياد الشتوية “قلب واحد”، كما تم إصدار دليل الوقاية من الوباء وغيرها من التدابير الهامة. كل ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على قوة وعنفوان حراك الرياضات الجليدية بالصين بشكل متزايد. ووفقًا للجنة المنظمة للألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، فإن الاستعدادات لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية أصبحت جاهزة بشكل أساسي، وقد تم الانتهاء من جميع أعمال تجهيز ساحات التنافس، وتشكلت كافة فرق العمل الخاصة بالملاعب الأوليمبية بالكامل. بالإضافة إلى ذلك، وفي ظل خلفية انتشار وباء كوفيد-19، قامت اللجنة المنظمة لأولمبياد بكين الشتوية واللجنة الأولمبية الدولية بالتعاون جنبًا إلى جنب لتبادل الخبرات العامة والفعالة للوقاية من الوباء ومكافحته وتبادل أحدث إنجازات البحث العلمي في هذا الشأن، واستخلاص التجارب من الأحداث الرياضية الدولية الكبرى المقامة مؤخرا، والاشتراك في صياغه “دليل الوقاية من الوباء”، والالتزام الواضح بالمبادئ الأساسية الستة المتمثلة في الالتزام بالمنافسة المبسطة، والوقاية، والتحكم عن بعد، والتلقيح، وإدارة الحلقة المغلقة، والإقصاء الفعال، وتكامل الوقاية والسيطرة، كما اقتُرحت تدابير محددة للوقاية من الأوبئة لضمان سلامة وصحة العاملين في الأولمبياد والسكان المحليين.
من “العاصمة العتيقة التي يعود تاريخها لآلاف السنين” إلى “المدينة الأولمبية المزدوجة”، إذا نظرنا إلى الوراء سنجد أن نجاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في بكين عام 2008 قد ترك لدى العالم انطباعًا عميقًا، وتمت الإشادة به بوصفه دورة الألعاب الأولمبية الصيفية “التي لا تضاهى”. وبعد ثلاثة عشر عامًا، لا تزال بكين تكتب وتصنع التاريخ، وستضيئ الشعلة الأولمبية مرة أخرى، وسيستقبل العالم دورة تعد بمثابة “معلم” آخر في تاريخ الألعاب الأولمبية. بمرور الوقت، تصبح “نكهة الألعاب الأولمبية الشتوية” في بكين أقوى فأقوى. حيث تم مؤخرا إطلاق مسابقة اختبار الألعاب الأولمبية الشتوية “موعدنا في بكين”، وتم افتتاح إستاد يان تشينغ، وتم الانتهاء من إقامة ستة منافسات دولية بما في ذلك بطولة الصين المفتوحة للتزلج السريع، وبطولة آسيا المفتوحة للتزلج على الجليد، وكأس العالم للتزلج السريع على المضمار القصير، فضلاً عن الأسبوع الدولي للتدريب على عربات الجليد، كما تم الانتهاء بنجاح من أنشطة الاختبارات المحلية لمنافسات الكيرلنج. كما سيتم لاحقا عقد فعاليات الاختبارات والأسابيع التدريبية وفقًا للخطة. وقد أشاد الرياضيون وفرق التدريب من جميع أنحاء العالم بجودة أماكن الاختبار والبيئة التنافسية ومستوى الدعم اللوجستي.
تسلط دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين الضوء على مفهوم مجتمع المصير المشترك للبشرية. لقد كان لوباء القرن تأثير عميق على المجتمع البشري. وقد اقترحت اللجنة الأولمبية الدولية إعادة تشكيل عالم ما بعد الوباء وفقا للقيم الأولمبية، وهذا المفهوم يتسق تماما مع مفهوم الحوكمة العالمية المتمثل في “التشاور والبناء والمشاركة” الذي دعت إليه الحكومة الصينية لبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية. تقام أولمبياد بكين الشتوية ودورة الألعاب الأولمبية الشتوية للمعاقين (البارالمبية) في هذا الوقت تحت شعار “معًا نحو المستقبل”، وهي دعوة للشعوب من جميع أنحاء العالم إلى الاتحاد تحت الراية الأولمبية، والسعي لتحقيق أهداف الوحدة والسلام والتقدم والتسامح، ونشر الروح الأولمبية، والعمل يدا بيد للتعامل وباء كوفيد-19 وتغير المناخ ونقص الغذاء وغيرها من الأزمات، والسعي الدؤوب من أجل مستقبل أفضل. أنا على يقين أنه سيتم تعزيز القوى المركزية وتضافر المجتمع الدولي، وتقوية إيمان البشرية جمعاء بضرورة المساعدة المتبادلة، وزيادة الثقة في الوحدة العالمية لمكافحة الوباء من خلال استضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية والبارالمبية في بكين.
تحتضن الصين ومصر الحلم الأولمبي سويا. ووسط الظروف القاسية والمعقدة التي هزت فيها الأزمة العالمية الناجمة عن جائحة كوفيد-19 الساحة الرياضية الدولية، حققت الصين ومصر انجازات في مشاريعهما الرياضية في إطار فرضية النهوض بالوقاية من الأوبئة ومكافحتها بطريقة منظمة. دائما ما أولت مصر أهمية كبيرة لتطوير الرياضة. ففي دورة الألعاب الأولمبية الصيفية الثانية والثلاثين التي انتهت هذا العام كافح الرياضيون المصريون بقوة وفازوا بست ميداليات، وهو أكبر عدد من الميداليات تفوز به مصر في دورة أولمبية واحدة، وهو ما أوضح بجلاء قوة البلاد وثقة أبناءها. كما أقيمت بنجاح مؤخرا أول مباراة ودية مصرية لهوكي الجليد في القاهرة. حيث اجتمع هنا عشاق هوكي الجليد من جميع أنحاء العالم للترويج لشعبية وتطور رياضات الجليد في مصر. وأنا على يقين أن الرياضات الجليدية الشتوية ستكسر حدود المناخ والجغرافيا في المستقبل القريب وتزدهر على أرض الفراعنة العريقة. ومن هنا أدعو بصدق الأصدقاء المصريين من جميع الأوساط لمتابعة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية والبارلمبية في بكين لعام 2022. أتمنى بكل إخلاص لمصر المزيد من النجاحات والرقي في المجال الرياضي.
إن تقديم حدث أولمبي بسيط وآمن ورائع للعالم هو التزام جاد من الحكومة الصينية تجاه العالم. كما أنه تعبير حي عن مسئولية الصين كدولة كبرى، ونشر للأمل والوحدة وبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية. إن الشعب الصيني قادر وواثق تماما من الوفاء بهذا العهد والالتزام. والآن، ها قد فتحت “المدينة الأولمبية المزدوجة” ذراعيها في انتظار الزوار من جميع أنحاء العالم. ونحن نتطلع إلى تجمع الرياضيين العالميين تحت راية العلم ذو الخمس حلقات، باحثين عن شعلة الحياة فوق الجليد الأبيض النقي.