في الآونة الأخيرة، هنأني الأصدقاء المصريون بشكل خاص بمناسبة نجاح انعقاد الدورة الكاملة السادسة للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني. كما أعتقد أن الجميع قد لاحظوا أن أهم نتيجة خرج بها المؤتمر الذي كان محط أنظار العالم، كانت مناقشة واعتماد “قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن الإنجازات المهمة والتجارب التاريخية في كفاح الحزب الممتد لمائة عام”، وتم إقرار عقد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني في النصف الثاني من عام 2022.
يجب التعلم من تجارب التاريخ لخلق مستقبل أفضل. لخص هذا القرار مراحل نمو الحزب الشيوعي الصيني وتدرجه من الضعف إلى مرحلة القوة، والإنجازات الكبرى والتجربة التاريخية لتوحيد الشعب الصيني وقيادته خلال قرن من النضال، وأوضح سبب نجاح الحزب الشيوعي الصيني في الماضي وكيف يمكن أن يستمر في تحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل.
تم نشر النص الكامل للقرار رسمياً، وآمل أن يولي الجميع المزيد من الاهتمام لدليل العمل هذا فيما يتعلق بالتنمية المستقبلية للصين.
ظل الحزب الشيوعي الصيني منذ تأسيسه في عام 1921 يعتبر السعي من أجل سعادة الشعب الصيني ونهضة الأمة الصينية والمصلحة العامة للعالم غايته الأصلية ورسالته، وقيادة الشعب الصيني إلى العمل الجاد والمضي قدمًا بشجاعة، ما ساعد في تغير مستقبل ومصير الشعب الصيني بشكل جذري، وساهم في خلق معجزتين من التطور الاقتصادي السريع والاستقرار الاجتماعي طويل الأجل، وكتب أروع ملحمة في تاريخ الأمة الصينية منذ آلاف السنين.
منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية العصر الجديد، ونجحت لجنة الحزب المركزية ونواتها الرفيق شي جينبينغ في حل العديد من المشاكل طويلة الأمد التي لم يتم معالجتها على الرغم من الرغبة في حلها، وقام بالعديد من الأشياء الرئيسية التي كانت مطلوبة ولم ينجح الكثير في القيام بها في الماضي.
حققت الصين هدف بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل كما هو مقرر، وفازت في معركتها ضد الفقر، وحلّت مشكلة الفقر المدقع تاريخيا، ووصلت إلى مستوى جديد من القوة الوطنية الشاملة.
ووفقًا لنتائج استطلاعات الرأي التي أجرتها جامعة هارفارد في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، أظهرت النتائج أن أكثر من 90 % من الشعب الصيني راضون عن أداء الحكومة. ووفقاً لاستطلاع أجرته جامعة يورك في كندا، أنه بعد تفشي وباء كورونا المستجد، ارتفعت ثقة الشعب الصيني في الحكومة إلى 98%، وهذا لأن تطلع الشعب الصيني إلى حياة أفضل أصبح حقيقة واقعة، وقاد الحزب الشيوعي الأمة الصينية لتحقق قفزة تاريخية من النهوض إلى الثراء والقوة، ما جعل الحزب الشيوعي الصيني يحظى بدرجة عالية من الثقة السياسية، لإطلاق مسيرة جديدة لبناء الدولة الاشتراكية الحديثة على نحو شامل.
إن المثل العليا هي خلق عالم يتقاسمه الجميع. في مواجهة الوباء العالمي الأشد شراسة والذي نتج عنه تغيرات غير مسبوقة في العالم، وقفت الصين على الدوام إلى جانب الإصلاح التاريخي والتقدم البشري، وتعاونت مع شعوب جميع البلدان، وروجت بقوة للقيم المشتركة للسلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية للبشرية جمعاء، ودفعت المجتمع الدولي نحو العمل معًا لبناء عالم أفضل، وقدمت توجيهات مختلفة بشأن المفاهيم الصحيحة، لممارسة التعددية الحقيقية معًا، والاستجابة المشتركة لمختلف التحديات والقضايا العالمية التي تواجه البشرية، والتعزيز المشترك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق فائدة أفضل للناس، والعمل معًا لبناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن العالمي والازدهار المشترك والانفتاح والتسامح والنظافة والجمال. فأصبح بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية راية جلية ترشد تيار العصر واتجاه التقدم البشري.
“الالتزام بوضع المصلحة العامة للعالم بعين الاعتبار” هي إحدى التجارب التاريخية لقرون من النضال للحزب الشيوعي الصيني. وتلك هي الشعور بالمسؤولية لحزب عمره قرن من الزمان، كما أنها أيضًا ممارسة حية لمجتمع المستقبل المشترك للبشرية. لقد اندمجت الصين بشكل كبير في عملية العولمة وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر بلد لتجارة البضائع، وأكبر دولة جاذبة للاستثمار الأجنبي، كما يقترب متوسط معدل المساهمة السنوية للصين في النمو الاقتصادي العالمي من 30٪. كما أن الصين هي أكبر شريك تجاري لأكثر من 120 دولة، وهناك أكثر من مليون شركة أجنبية في الصين.
تعد الصين ثاني أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة، وثاني أكبر مساهم مالي في ميزانية حفظ السلام، أكثر من 50000 شخص للمشاركة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. أخذت الصين زمام المبادرة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة الإنمائية للألفية، وأخذت زمام المبادرة في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والمساهمة بأكثر من 70٪ من جهود الحد من الفقر في العالم.
ولضمان توافر اللقاحات والقدرة على تحمل تكلفتها في البلدان النامية، قدمت الصين أكثر من 1.7 مليار جرعة من اللقاحات إلى المجتمع الدولي، بما في ذلك التبرعات المجانية لأكثر من 110 دولة، والإنتاج المشترك للقاحات مع 16 دولة بقدرة إنتاجية أولية سنوية تبلغ 700 مليون جرعة من اللقاح. كما ستقدم الصين 3 مليارات دولار أمريكي في السنوات الثلاث المقبلة لدعم الدول النامية في مكافحة الوباء واستعادة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الأخلاقيون لن يكونوا بمفردهم بل هناك من يشبههم ويشاركهم الطريق. يحافظ الحزب الشيوعي الصيني على اتصالات منتظمة مع أكثر من 500 حزب ومنظمة سياسية في العالم، وأصبح هناك المزيد من الدول على دراية بالتنمية في الصين، ما يعني نمو قوة السلام العالمي، وتعزيز القوة الشاملة للبلدان النامية، لذا أثرت تنمية الصين تأثيرا عميقا على مجرى تاريخ العالم.
قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب نحو الانطلاق بنجاح على طريق التحديث ذي الخصائص الصينية، وخلق شكلاً جديدًا من الحضارة الإنسانية، ووسع مسار الدول النامية للتحديث ، وقدم خيارات جديدة لأمم ودول العالم التي لا تأمل في تسريع تنميتها فحسب، وإنما أيضا ترغب في الحفاظ على استقلاليتها في نفس الوقت.
وكما أشار الرئيس السيسي عندما هنأ الأمين العام شي جين بينغ في الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني في كلمته،” لقد خلق الحزب الشيوعي الصيني المعجزة الاقتصادية للصين بفضل سياساته الحكيمة، دفعت بالصين إلى مصاف الدول الكبرى كقوةٍ دولية تعكس عظمة الحضارة الصينية وتستلهم من تاريخها قوة دافعة للحداثة، حيث أصبحت التجربة الصينية تمثل قصة نجاح يسعى كثيرون إلى دراستها والاستفادة منها”. تعرب الصين عن خالص شكرها للرئيس السيسي على تهنئته.
وهنا أريد الانتقال للإجابة على سؤال دائما ما يُطرح وهو لماذا ينتقل الحزب الشيوعي الصيني دائمًا من نجاح إلى نجاحات أكبر، ولا يتوقف عن خلق معجزات تسطع عبر سجلات التاريخ؟
هنا يجدر الإشارة إلى أنه تتمثل إحدى التجارب الأساسية لقرن من نضال الحزب الشيوعي الصيني في الاستمرار في الابتكار النظري والتعزيز المستمر لإضفاء الطابع الصيني. عمق الشيوعيون جيلا بعد جيل فهمهم لقانون ممارسة الحزب الشيوعي للسلطة ، وقانون البناء الاشتراكي ، وقانون تطور المجتمع البشري ، واستخدموا النظريات العلمية لصيننة الماركسية لقيادة الممارسة العظيمة. وقد فكَّر الرفيق شي جين بينغ بعمق وقيّم علميا سلسلة من المسائل النظرية والتطبيقية المُهِمة بشأن تطوير قضايا الحزب والدولة في العصر الجديد، تطرق فيها إلى :أي نوع من الاشتراكية ذات الخصائص الصينية يجب دعمها وتطويرها في العصر الجديد، كيفية دعم وتطوير الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، أي نوع من الدولة الاشتراكية الحديثة القوية التي ينبغي بناؤها، كيف نبني دولة اشتراكية حديثة قوية، أي نوع من الحزب الماركسي الحاكم طويل الأمد الذي يجب بناؤه، التفكير في كيفية بناء حزب ماركسي حاكم طويل الأمد وغيرها من القضايا الرئيسية الأخرى في ذلك العصر، حيث طرح سلسلة من الأفكار والاستراتيجيات الجديدة لإدارة الدولة.
الرفيق شي جين بينغ بوصفه نواةً للجنة الحزب المركزية وبتوجيهاته حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد هي السبب الأساسي للإنجازات التاريخية والتغييرات التاريخية التي تم إحرازها في مختلف النواحي في الصين منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني.
في الوقت الحاضر، يوحد ويقود الحزب الشيوعي الصيني الشعب الصيني في كفاح مستمر لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية، وفي مصر وتحت قيادة الرئيس السيسي، تلتزم الأحزاب السياسية المصرية أيضًا ببناء توافق في الآراء وحشد القوى لبناء الجمهورية الجديدة.
في الآونة الأخيرة، عندما عقدت ندوة مع قادة حزب مستقبل وطن و قادة حزب الشعب الجمهوري والأحزاب السياسية الأخرى، قدمت عرضًا عن الأحوال والنتائج الهامة للدورة الكاملة السادسة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وخلال الاجتماع أعرب قادة الأحزاب السياسية المصرية المشاركة عن تهانيهم الحارة على نجاح الدورة العامة ، وأعربوا عن تقديرهم للإنجازات الرائعة التي حققتها الصين الجديدة في مختلف الفترات التاريخية ، وأعربوا عن أملهم في زيادة تعزيز التبادلات الحزبية بين البلدين، والعمل معًا للارتقاء بالشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والصين إلى مستوى جديد. كما أعرب العديد من الأصدقاء المصريين عن أن الحزب الشيوعي الصيني طرح العديد من مبادرات التنمية الهامة، التي ألهمت العالم الثالث لاستكشاف مسارات التنمية الجديدة.
كما تساءلوا وكانوا حريصين على فهم “كلمة سر” معجزة التنمية في الصين والعثور على “المفتاح الذهبي” لتحقيق التنمية.
إن الحزب الشيوعي الصيني على استعداد لمواصلة تعميق التبادلات والتعاون مع الشخصيات من الأوساط المختلفة في مصر، وتبادل الخبرات بشأن الحكم والإدارة، بما يرسي أساسا سياسيا وشعبيا جيدا لتطوير العلاقات الصينية المصرية نحو خلق نموذج تجريبي رائد يحتذى به في بناء المجتمع الصيني العربي ذي المستقبل المشترك والمجتمع الصيني الإيفريقي ذي المستقبل المشترك.
إن الحزب الشيوعي الصيني على استعداد للعمل مع الأحزاب السياسية في جميع البلدان لبناء السلام العالمي، ويكون مساهمًا في التنمية العالمية، ومدافعًا عن النظام الدولي، ومواصلة تقديم مساهمات جديدة لتعزيز النهوض بالبشرية جمعاء!