هناك كابوس في الأسرة المصرية منذ سنوات طويلة ألا وهو كابوس الثانوية العامة تعاقب عليه وزراء التعليم واحدا تلو الآخر ومرت السنوات والكابوس يزداد رعبًا، وكل وزير يسعى إلى القضاء على هذا الكابوس ولكن لا يزال قائما.. وأمنيتي أن يحمل هذا العام بشائر انتهائه والخلاص منه، خاصة بعد ما عشناه هذا العام من أجواء من الإشاعات والترقب والانتظار.
فلا ينافس حرارة الجو ونسبة الرطوبة القياسية هذا العام إلا إعصار الشائعات الذي يجتاح كل بيت مصري.. ونعيش اليوم زوبعة يُثار فيها الجدل والنقاش على السوشيال ميديا عن تسريبات النجاح ونتائج الثانوية العامة، طبعا حملت الزوبعة نتائج وهمية حول كليات القمة وتضاؤل فرص الطلاب في الالتحاق بالجامعات، وأسماء الأوائل وأرقام الدرجات التي أنفقت في نفيها الوزارة ساعات طويلة وأصرت حتى تم الإعلان الرسمي للنتيجة بواسطة وزير التعليم بنفسه ظهر أمس، وأثبت الحقائق التي أعلنها أن ما تم تسريبه كان محض خيال من اختراع عقول تتلاعب بالسوشيال ميديا!
والآن.. لا أملك إلا الدعاء أن يرحمنا الله من هذه الدوامة التي لا ترحم، لعل المخرج والحقيقة الوحيدة أن التصحيح تم بطريقة علمية إلكترونية آمنة كما أعلن الدكتور طارق شوقي منع وقوع أي خطأ بشرى ، وثبت أن الضمان الوحيد لراحة الأسرة المصرية هو ما سمعته من الرئيس بنفسه قبل يومين، والذى اختار أن يعلنه أثناء إفطار أسرى أقيم على هامش افتتاحه أربع مدن إسكان اجتماعي يجرى تسليمها “ع المفتاح”.
فأكدت أن ما يعلنه الرئيس حقائق مؤكدة على أرض الواقع وليس تصورات لخطط ، وحملت تطمينات من الرئيس لأبنائه الطلاب الذين تهرسهم حمى الاشاعات وجنون التسابق الخيالي للمجاميع، لكنها تكسرت حين قال الرئيس: “حرصنا على أن يهدف التطوير إلى تحسين العملية التعليمية وليس هدم مستقبل أولادنا”.. ووضعت كلمة الرئيس حدا من الجدل والمخاوف التي انتشرت حول انخفاض نسب القبول بكليات القمة حين تساءل الرئيس: «كيف للمجتمع أن يتصور أن الدولة ممكن تعمل حاجة ضد مصلحة ناسها، إحنا بناخد أعلى الدرجات في كلية الطب ولو الدرجات دي انخفضت مش معناه أنه ليس له مكان.. لأ.. له مكان..
فالطالب لو جاب 90% هيدخل طب.. إحنا بناخد أعلى درجات، ولو قلت الدرجات مش معناه إنه ملوش مكان، بل له مكان، والدكتور طارق شوقي ومعه وزير التعليم العالي هيتكلموا في الموضوع!
طاقة الأمل التي حملتها كلمات الرئيس وإحالتنا إلى الوزيرين للتفاصيل تأكيد واضح أن المعلومات يجب أن تؤخذ من مصادرها الرسمية، التي تحمل رسالة طمأنة لأولياء الأمور: “حرصنا على أن التطوير يهدف إلى تحسين العملية التعليمية وليس هدم مستقبل أبناء وهتشوفوا دا”
وبعد أن أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني نتائج الثانوية العامة للعام الدراسي 2020م – 2021م، في حضور لافت للوزيرين.. وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي.
انتهى الجدل وبدأ العمل، ومن الآن على كل أسرة أن تتنفس بهدوء.. بعد أن كشفت مؤشرات المجاميع في الثانوية العامة الاتجاه إلى الواقعية، فهي أقل من العام الماضي، لكن النتيجة لن تكون بأي حال من الأحوال مقلقة، وتعكس الميكنة الإلكترونية التي تمت بها عملية تصحيح أوراق إجابات امتحانات الثانوية العامة بصورة منتظمة ومنضبطة لأول مرة، رغم كل الظروف التي مر بها المجتمع وفرضته جائحة كورونا على العالم كله، وحجمنا تدخل العنصر البشري، وتجنبنا كما هائلا من الأخطاء أثناء رصد وتجميع الدرجات.
والنظام الجديد لم يمنع بالطبع حصول بعض الطلاب على الدرجات النهائية في بعض المواد، ليظهر مستوى الطلاب الحقيقي أثناء إعلان نتيجة الثانوية العامة فى سباق المجاميع.
والنتيجة باختصار .. أهلا بالواقعية لكن تبقى التمنيات أن تنهى إلى الأبد حكاية البداية من الصفر مع كل وزير جديد يهدم ثم يبنى نظامه الخاص نتمنى أن تكون هذه العقلية قد انتهت أمس إلى الأبد وبدأنا نظامنا الثابت المستقر لـ الثانوية العامة ولنتائجها والتنسيق الإلكتروني الخالي من التلاعب والأخطاء والذى ينظم عمليات وشروط الالتحاق بكليات القمة وغيرها من الكليات، وتكون بداية عهد جديد ينسف ما اعتدنا عليه في عقود وسنوات من حمى الثانوية والمجاميع وحرب النجوم على القمة والجامعات الخاصة والأهلية، فقد آن الأوان في الجمهورية الجديدة أن نكون أكثر واقعية وأكثر ثقة ونحن نرى المستقبل مشرقا بالأمل بين أيادينا!