أوضح الدكتور يوسف عامر، رئيس اللجنة الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، أن ثورة 30 من يونيو نجحت في الانتقال بمصرَ إلى مرحلةٍ جديدةٍ أثبتت فيها قدرةَ مصرَ على التماسكِ والثباتِ والقدرةِ على استعادةِ ما لها من مكانةٍ عظيمةٍ، وأكدت على فطنةِ أبناءِ هذا الوطن وغيرتِهم الواعيةِ على وطنهم وحفاظِهم على بقائه صُلبًا قويًّا في عصر تُجرى فيه المقامرةُ بالأوطان كما تجري في الأموال، كما مثلت نُقلةً تاريخيةً واضحةً في ميادينِ التطويرِ والبناءِ والتعمير، وذلك وَفْقَ خُطواتٍ سديدةٍ تدل على وضوحِ الرُّؤيةِ ونُبلِ الهدف.
ويأتي ذلك بالتوازي مع الاحتفال بالذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو 2013، ومع الاحتفال بتدشين مؤسس النهضة الحديثة في مصر الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لقاعدة 3 يوليو البحرية.
فقد نجحت ثورةُ 30 من يونيو في إعادة تحقيقِ الأمنِ والأمان؛ الأمن الذي جعله اللهُ -تعالى- من أعظم نعمِهِ على الإنسان، والذي هو أصلٌ في وجود الدُّول وبقائها، فأخذت مصرُ بكل أسباب القوة المعنوية والمادية لتحقيق هذا الهدف الرئيس، وقد رأينا جميعا كم قدم أبناءُ مصرَ من تضحياتٍ غاليةٍ لنصلَ إلى هذه المرحلة من الأمنِ وقوةِ الردع.
كما أدى استتبابُ الأمنِ إلى ترسيخِ الشعورِ لدى جميع أطيافِ الشعبِ بالأمان، وضرورةِ نبذِ الشقاقاتِ والتشكيكات، فازدادت أواصرُ الثقةِ بين أفراد الشعبِ على اختلاف أطيافِهم ومشاربِهم، بعدما دبَّ الشقاقُ والتّفرّقُ في بعض مستوياتِه بين أبناء الدينِ الواحدِ والأسرةِ الواحدة.
ورأينا كذلك التماسكَ والاحترامَ والتقديرَ والتكاملَ بين أفرادِ الشعبِ والجيشِ والشرطةِ، وبهذا يتحققُ الامتثالُ بأمرين جليلين ذكرهما الحقُّ -تعالى- في كتابه العزيز وقال تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}(الأنفال: 46)، وقال أيضا: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: 103).
وقد حققت ثورةُ 30 من يونيو بجهودِ القيادةِ السياسيةِ التكاملَ الفعّالَ بين الوزاراتِ والمؤسساتِ المختلفةِ وهو ما أسهم في مزيدٍ من حسنِ التصورِ وسرعةِ التنفيذ.
كما حققت الثورةُ نشرَ الوعي السياسي والاقتصادي والديني والاجتماعي لدى الكثير وهو ما زاد المواطنُ شعورًا بدوره وعَلاقتِه المباشرةِ بمنظومةِ التعميرِ والحفاظِ على وطننا الحبيب.
ومن أهمِّ نتائج الثورةِ – بعد نجاحها في إعادة الأمن والأمان–قيامُ الدولةِ بهذه الانطلاقةِ التاريخيةِ في البناءِ والتعميرِ في شتى المجالات من خلال نُظُمٍ ورؤى متطورة لصناعةِ الجمهوريةِ الجديدة، على المستويات الصحية والتعليمية والزراعية والصناعية وغيرها، ومدُّ العَلاقاتِ العالميةِ الواسعةِ لتحقيق أكبر قدرٍ من التعمير والتطوير لهذا الوطن.
كما كان من أهم منجزات ثورةِ 30 من يونيو في مجالِ تجديدِ الخطابِ الديني أنها وضعت حدًّا تاريخيًّا فاصلاً بين وسطيةِ مصرَ الدينيةِ السمحةِ، والفكرِ المتطرفِ المُتَنَطِّعِ الذي طرأَ على مصرَ منذ عقودٍ قليلةٍ، هذا الفكر الذي لا يعرفُ سوى التفريقِ والهدم، وقد حذَّرَنا الحبيبُ المصطفى(صلى الله عليه وسلم) من هذا اللون من التدين الكاذب فقال صلى الله عليه وسلم: “هَلَكَ المُتَنَطِّعون”، وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: “ولن يُشادَّ هذا الدينَ أحدٌ إلا غلبَه”.
وحرصت القيادةُ السياسيةُ على الدعوةِ إلى تجديدِ الخطابِ الديني ليفهمَ الناسُ صحيح الدين، من خلال الأزهرِ الشريف فهو كعبةُ العلمِ ومركزُ نشر الوسطية الدينية في العالم، ودعمته الدولةُ لبذل الجهود المرجوة لنشر الوعي السليم ونشر صحيح الدين، وذلك لتصحيح المفاهيم المغلوطة والخاطئة، كمفهوم الوطن، ومفهوم التعايش والتعدد، ومفهوم إتقان العمل ومفهوم الدولة، ومفهوم أدب الحوار والاختلاف إلى غير ذلك من المفاهيم والسلوكيات التي تقوم على وضوحها في الأذهان تقدم أحوال البلاد والعباد.
وقد بذل الأزهر الشريف جهودا كبيرة في ميدان تجديد الخطاب الديني وتصحيح المفاهيم المغلوطة والخاطئة وجمع الكلمة، وما زال يبذل جهوده المشكورة في الداخل والخارج لتأكيد وسطية هذا الدين الحنيف ورد كل شبهة وصورة مغلوطة تنسب إليه.
حفظ الله مصر شعبًا وقيادة حكيمة وحكومة، حفظ الله الرئيس عبد الفتاح السيسي، ذلك الرجل القائد البطل المغوار الذي يمنحنا في كل لحظة بإنجازاته الثقة في النفس واكتشاف المهارات والقدرات التي أودعها الله في الإنسان، يمنحنا الطاقة الإيجابية والأمل والتفاؤل في مستقبل مشرق، ذلك الرئيس القائد الذي قلما يجود به الزمان، حفظه الله ومتعه بجميع نعمه سبحانه وتعالى.