أشادت مجلة “University World News” الشهيرة، في تقرير لها، بالتطور الملحوظ الذي شهده قطاع التعليم العالي في مصر، خلال السنوات الماضية، حيث وصفت المجلة أن مصر استطاعت أن تحقق تقدم ملحوظ في مجال نشر الأبحاث الدولية وتصنيفها عالميًا بفضل استراتيجية مركزة تم تنفيذها على نطاق وطني ومؤسسي.
ويرى الخبراء أن الخطوة التالية لا بد أن تركز على بعدين أساسين هما: نوعية المنشورات والأبحاث العلمية المقدمة من جانب الباحثين ومدى مساهمتها في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
مصر ترسم طريقًا جديدًا للإنتاج البحثي
وأشار التقرير، إلى أداء مصر المتطور بشكل ملحوظ في مجال النشر الأكاديمي، حيث أدرجت منصة “سيماجو” مصر كأكبر منتج لمنشورات المجلات التي تم استعراضها من قبل الأقران في أفريقيا ، لتحتل بذلك المركز 30 عالميًا.
هذا وأوضح التقرير، أنه قد زاد الإنتاج البحثي لمصر بنسبة 19% تقريبًا في عام 2020، حيث أنتجت 32323 منشورًا، مقارنة بـ 26223 منشورًا في عام 2019، أي بزيادة قدرها 6100 منشورًا، وفقاً لمجموعات البيانات التي أعدتها منصة “سيماجو”.
وفي سياق متصل، لفت التقرير إلى أن مصر حافظت على تقدمها في التصنيفات والمؤشرات العالمية، حيث أشار آخر تصنيف لمؤسسة QS العالمية الصادر في 8 يونيو، إلى التقدم الهائل لقطاع التعليم العالي المصري حيث تم إدراج 13 جامعة مصرية من ضمن أفضل 1000 جامعة عالمية.
ومن جانبه، قال الأستاذ مصطفى محسن رضوان، خبير إصلاح التعليم العالي وضمان الجودة ونائب العميد السابق لكلية الهندسة بجامعة الفيوم، إن الإنتاجية البحثية العالية لمصر إدت إلى ضم ما يقرب من 14% من جامعات مصر الـ 63 إلى المراتب والتصنيفات العالمية، موضحًا أن هذا الأمر سيمكن الجامعات المصرية من تحقيق دورها المنوط على أكمل وجه.
وتابع “رضوان”، أن هذا الأمر سيعزز من قدرة مصر على اجتذاب الطلاب الأجانب وتيسير التبادل التعليمي الذي يؤدي بدوره إلى توسيع نطاق الدبلوماسية الثقافية المصرية في خدمة البرامج السياسية والاقتصادية المخطط لها.
وقال رضوان، إن الزيادة في النشر يمكن أن تعزى إلى السياسات والخطط والأنشطة المنسقة والمتكاملة على مختلف المستويات، مشيرًا إلى جهود وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات في تنسيق سياسة التعليم العالي بما يتماشى مع الأهداف الوطنية، حيث ساهمت الجامعات ومراكز البحوث في هذه الطفرة البحثية.
جهود الدولة في دعم الباحثين
وعن دور الدولة في دعم الباحثين، أكد رضوان، أن تدريب الأطقم البحثية والتشجيع على النشر في المجلات الدولية ذات السمعة لأغراض الترقية، كان لها مردودًا إيجابيًا على الإنتاج البحثي، مشيرًا إلى أن الجوائز المالية وجوائز التفوق في مجال البحث العلمي التي يتم توزيعها خلال الاحتفالات السنوية كانت من بين العوامل المشجعة للباحثين.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد عرابي، رئيس لجنة الترتيب ونائب عميد الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة أسوان، إن الزيادة في إنتاج المنشورات تشكل نجاحًا لكل من نظام التعليم العالي الوطني وكذلك الجامعات المصرية، مضيفًا أن التحسن في إنتاج المنشورات العلمية يأتي بالتوافق مع سياسة التنسيق والتعاون التي بدأتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع بنك المعرفة المصري.
وتابع عرابي، أنه قد تم هذا التعاون من خلال تشكيل لجنة وطنية للترتيب تضم في عضويتها جميع الجامعات المصرية، وذلك بالتوازي مع إنشاء مكتب أو لجنة لكل جامعة لوضع خطة استراتيجية لجامعاتها لتحسين مخرجاتها البحثية
كما قال البروفيسور حامد عواد ، مدير مركز التراث العلمي بجامعة القاهرة ، إن مبادرة “Science Up”، وهو برنامج جديد أطلقته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، يهدف إلى رفع كفاءة معامل البحوث والتطوير بالجامعات الحكومية مع البدء بكليات العلوم وخاصة أقسام الرياضيات والفيزياء كمرحلة أولى، هو خطوة طال انتظارها لتطوير البحوث الجامعية.
وتركز المبادرة ، في مرحلتها الأولى ، على بناء القدرات ودعم تطوير الهياكل الأساسية في مختبرات البحوث داخل كليات العلوم في جميع أنحاء البلد ، فضلا عن تقديم منح بحثية وزمالات زائرة في ميداني الرياضيات والفيزياء النظرية لبناء قاعدة علمية قوية.
وأشارت مجموعات البيانات الذي أعدها “سيماجو”، إلى أن الباحثين في العلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الإنسانية في مصر لم يحققوا أداءً مرضيًا، خاصةً في مجالات الدراسات الجنسانية والفلسفة والعلوم السياسية والقيادة والإدارة والفنون البصرية وفنون الأداء والموسيقى والتسويق والدراسات السكانية.
وقال أحمد شحاتة، وهو محاضر في قسم علوم المكتبات والمعلومات بجامعة المنيا في مصر، أن الباحثين في العلوم الاجتماعية والإنسانية في الجامعات المصرية ينشرون بشكل رئيسي في المجلات المحلية، ولكنهم يواجهون عدة تحديات في النشر في المنافذ الدولية، مثل: الحواجز اللغوية ، والافتقار إلى الأكاديمية، مرجحًا أن هذا الأمر هو ما أدى إلى انخفاض معدلات الإنتاج البحثي في هذه المجالات.