ما زالت جائحة كورونا تشكل الهاجس الأكبر للعالم بأسره، خاصةً مع قدرة الفيروس الفائقة على التفشي والانتشار على نحو سريع، من خلال تحوره للعديد من السلالات والأشكال الجديدة، التي تتنافس كل واحدة منها على الفتك بالضحايا بشكل أسرع من نظيرتها، وكذا الموجات المتتالية للفيروس التي تشهدها دول العالم حاليًا.
واستدعت هذه الأوضاع المضطربة والوضع الوبائي العالمي، إلى قيام بعض الدول بفرض قواعد الإغلاق أو منع حركة الطيران لدول بعينها، في محاولة للسيطرة على الفيروس وحرصًا على سلامة المواطنين.
مواجهة انتشار كورونا اعتمادًا على طريقتين
وفقًا لموقع “News Medical” الطبي، كشف مجموعة من الباحثين عن طرق بديلة لمكافحة انتشار الوباء دون اللجوء إلى هذه التدابير الاحترازية المتبعة من جانب دول العالم حاليًا، وقدم الباحثون نموذجين يختلفون عن بعضهم بعضا من حيث الاستراتيجية، ووجدوا أن كلا الطريقتين أثبتت فاعليتها في السيطرة على الانتشار الفيروسي، ولكنها قد تتطلب اختبارًا واسع النطاق وعملًا في نطاق ضيق نسبيا.
واعتمدت الجهود الأولية لوقف انتقال فيروس كورونا المستجد، على فرض قواعد التبادل الاجتماعي المكثفة، بما في ذلك إغلاق المدارس وإغلاق أماكن العمل، فضلًا عن القيود المفروضة على التجمعات، والأماكن المزدحمة، والحجر الصحي ، والعزل ، وغسل اليدين بصورة منتظمة، وغير ذلك من تدابير الحماية الشخصية.
وعلى الرغم من فعالية هذه التدابير في وضع حد من التفشي السريع للوباء، إلا أن بعض الدول قد دفعت ثمن هذه الإجراءات غاليًا، إذ مست بشكل رئيسي اقتصادات كبرى دول العالم.
ومن هنا، قدم الباحثون، من دراستهم المنشورة بمجلة “The Society B” العلمية، طرقًا بديلة لتدابير الإبعاد الاجتماعي التي يمكن أن تساعد الناس على التكيف مع الوضع الطبيعي الجديد دون إغلاق، وتشمل هذه التدابير إجراء الفحوص على نطاق واسع، ومتابعة وتتبع المصابين بشكل مستمر، والحجر الصحي، وغير ذلك من التدابير الصحية، موضحين أن هذه البدائل قد تساعد على إبطاء الانتشار عند الجمع بينها وبمساعدة الحكومة والجمهور.
وأثناء الدراسة، حاول الباحثون التمييز بين نوعين من التدخلات للوقاية من كورونا، الأولى وهي التدخلات المخصصة، وهي تهدف إلى تحديد هوية المصابين أو المعرضين للإصابة بالفيروس، بإجراء الفحوص، والعزل، واقتفاء أثر الاتصال، والحجر الصحي، ورصد الأعراض، والحجر الصحي للمصابين، وكذا حماية الأشخاص المعرضين لخطر شديد.
وأما عن النوع الثاني من التدخلات، فهو التدخلات المعممة، وهي تدخلات بيئية أو سلوكية مقبولة وممارسة على نطاق واسع بين السكان، وتشمل إغلاق المدارس وأماكن العمل، والعزل الذاتي، وحماية المسنين، واستخدام أقنعة الوجه، منعَا لانتشار فيروس كورونا.
حملات اختبار موسعة وتتبع للمصابين بالفيروس
ولاحظ الفريق، أنهم عندما أخذوا في تطبيق القواعد والإجراءات الاحترازية لكورونا، باتخاذ التباعد الاجتماعي، وعمليات الإغلاق، بما في ذلك إغلاق المدارس وإغلاق أماكن العمل، وجدوا أنه بعد الموجة الوبائية الأولى ، أصيب حوالي نصف السكان بالعدوى.
ومن ناحية أخرى، عندما جمع الفريق بين الابتعاد الاجتماعي مع التدخلات العامة، كان الانتقال الفيروسي بطيئًا، ولكنه لم يكن كافيا لهزيمة الفيروس أيضًا.
واقترح الباحثون، منح شهادات أو تصاريح تثبت صحة وسلامة المواطنين الأصحاء، مؤكدين فعالية هذه الطريقة في مواجهة الفيروس وتعقب أثر المصابين بشكل فوري، دون الحاجة إلى فرض قواعد الإغلاق، كما أن الاختبارات الخاصة بالفيروس يجب أن يتم إجراؤها بشكل مستمر أو ما يقل عن أسبوع.
وفي سياق متصل، أكد الباحثون أنه بتطبيق عمليات اقتفاء الأثر للمصابين والحجر الصحي بالتوازي مع الإجراءات والتدخلات المعممة، فمن المتوقع أن ينخفض معدل الإصابات بشكل كبير للغاية قد يصل إلى 10 أضعاف.