أثارت قصة الصاروخ الصيني، الذي خرج عن السيطرة، حالة من القلق والذعر، في العالم، في الفترة الأخيرة، بسبب تصاعد المخاوف من احتمالات وقوعه على إحدى المناطق المأهولة بالسكان، مسببًا بذلك خسائر فادحة في البشر والممتلكات، وهو الأمر الذي يعد تهديدًا كبيرًأ للبشرية باكملها.
وفي هذا السياق، يكشف لكم “صدى البلد جامعات” قصة رحلة الصاروخ الصيني من البداية، وقصة تحليقه فوق سماء مصر، وأهم السيناريوهات المتوقعة..
بداية انطلاق الصاروخ الصيني
أطلقت الصين الصاروخ Long March 5B، يوم الخميس، ليحمل على متنه الوحدة الأساسية لمحطة الفضاء الصينية الجديدة التي تقوم بكين بتشييدها في الفضاء، وستصبح المحطة الفضائية الثانية بعد محطة الفضاء الدولية، وهو الأمر الذي كان سيعكس قدرة الصين على المنافسة العالمية واستعدادها لتأسيس وجود بشري دائم على الفضاء.
هذا ويزن الصاروخ التائه نحو 21 طنًا، وطوله نحو 100 قدم، وعرضه 16 قدمًا تقريبًا، وعلى غير عادة الصواريخ التي من المفترض أن تضع حمولتها في مدار الأرض وتعود للهبوط في مكان محدد مسبقًا أو تحترق وتتفتت في غلاف الأرض، خرج الصاروخ الصيني عن السيطرة ليدور حاليًا في مدار الأرض ومن غير المعروف بعد مكان سقوط حطامه.
بداية الأزمة
لاحظ متتبعو الحطام الفضائي أن الصاروخ يتحرك ببطء وبشكل غير متوقع، ثم زاد الأمر سوءًا بفقدان بكين السيطرة على الصاروخ، وهو الأمر الذي استهجنه العديد من دول العالم، إذ تم ترك الصاروخ دائرًا حول الأرض بعد تأكيد خبراء الفضاء لإعادة دخول غير متحكم به لمساره الرئيسي إلى الغلاف الجوي للأرض.
وأوضحت الدكتورة سوزان صمويل، الأستاذ المساعد بقسم أبحاث الشمس والفضاء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، أن الصين قد أطلقت أول وحدة لمحطة الفضاء الخاصة بها في المدار في وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي 28 أبريل 2021 وتم إطلاق الصاروخ بنجاح من وحدة تيانخه (Tianhe) التي تزن 22.5 طنًا من وينتشانغ (Wenchang) يوم الخميس بالتوقيت المحلي، وانفصل تيانخه عن الجسم الرئيسي للقاذفة بعد 492 ثانية من الطيران، ودخل مباشرة مداره الأول المخطط له.
وتابعت “صمويل”، أن قاذفة البعثة (Long March 5B) وصلت أيضًا إلى المدار وتتجه بشكل غير متوقع إلى الأرض، ويبلغ وزنها 21 طنًا تقريبًا وطولها نحو 30 متر، وتشير البيانات أن هذا الصاروخ يدور في مدار حول الأرض بارتفاعات تتراوح بين 160 الى 260 كم، وبسرعة متوسطة تزيد قليلًا على 28 ألف كم وهو ما يجعله يكمل دورة كاملة حول الأرض في 90 دقيقة في مدار بيضاوى.
3 دقائق ونصف في الأجواء المصرية
وقال الدكتور ياسر عبد الهادي، أستاذ علوم الفلك والمتحدث الإعلامي للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيائية، إن الصاروخ قد مر فوق مصر تمام الساعة 11:39 دقيقة مساء لـ 3 دقائق، ودخل في مسار طويل بعرض أقصى الجنوب الغربي لمصر، ليحلق فوق سماء “جرجا” التابعة لمحافظة سوهاج على ارتفاع 296 كيلومتر، بسرعة تُقدر بحوالي 28 ألف كيلومتر في الساعة، ثم اتجه الصاروخ بعدها في تمام الساعة11:41 مساء نحو شمال شرق في اتجاه الأردن وسوريا في مساره العشوائي الذي يدور به.
وفي سياق متصل، قال الدكتور محمد سيد علي حسن، الأستاذ المشارك السابق في جامعة كيوتو اليابانية، والباحث بوكالة الفضاء اليابانية JAXA، والمتخصص في هندسة الفضاء والنانو تكنولوجي، إن ارتفاع الصاروخ يتناقص تدريجيًا، بسبب دورانه في مدار بيضاوي يتراوح ارتفاعه ما بين 170 إلى نحو 350 كم، مضيفًا أن أكثر الأماكن في النقصان بدأت من مصر وشبه الجزيرة العربية واستمرت في المحيط الهندي قبل أن يرتفع الصاروخ من جديد.
ومن جانبه، أوضح الدكتور جاد القاضي، رئيس معهد الفلك، فى بيانه، أنه فى الواقع أن هذا الصاروخ تم فقدان السيطرة عليه، وهو فى محاولة للعودة غير المنضبطة إلي الأرض بعد إطلاقه من محطة الفضاء الصينية، ومن المرجح أن يسقط جزء من الصاروخ الصيني إلى الغلاف الجوي للأرض في الأيام القادمة، ومن غير الواضح متى وأين سيهبط الحطام، بينما تشير البيانات المتاحة من مواقع مراقبة الأجسام الفضائية احتمالية دخولة للغلاف الجوى للأرض يوم 9 مايو المقبل.
موعد اقتراب السيناريو الأسوء
وفقًا للبيانات المتاحة حاليًا من مواقع مراقبة الأجسام الفضائية، فمن غير المعلوم حتى الآن متى وأين سيهبط حطام هذا الصاروخ، بينما من المتوقع دخوله للغلاف الجوي للأرض يوم 9 مايو الجاري.
البنتاجون تراقب الأمر عن كثب
توقعت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، أن يسقط الجزء الأكبر من حطام الصاروخ الذي أطلقته محطة فضاء صينية على الأرض في وقت مبكر من يوم السبت الموافق 8 مايو الجاري.
وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية، في بيان أوردته قناة “الحرة” الأمريكية، أنه لا يمكن تحديد المكان الذي سيسقط عليه حطام الصاروخ إلا قبل ساعات قليلة عن سقوطه، مضيفةً أن الحطام يمكن أن يشكل تهديدات محتملة لسلامة الرحلات الفضائية ومجال الفضاء.
ليست المرة الأولى
وفي سياق متصل، قال جوناثان ماكدويل، عالم الفلك في مركز الفيزياء الفلكية بجامعة هارفارد، في تقرير نشره موقع “cbc”، إن الاحتمالات المتوقعة هي تفكك الصاروخ فوق المحيط، لكن هناك احتمال أن يضرب منطقة مأهولة بالسكان.
وأضاف ماكدويل، أن هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها إطلاق هذا النوع من الصواريخ، وكانت الأولى قبل عام، وتسببت في بعض الأضرار بالقرى في ساحل العاج، ونثرت قطعاً من المعدن على مساحة تزيد على 100 ميل من الأرض.
لا تعليق من الجانب الصيني
ومن ناحية أخرى، لم تعلق الحكومة الصينية علنًا على موضوع الصاروخ الصيني التائه، لتبقى بذلك التفاصيل الأساسية حول مرحلة الصاروخ ومساره غير معروفة حتى الآن.
وجدير بالذكر، أن الصين تهدف إلى أن تصبح قوة فضائية رئيسية بحلول عام 2030 لمواكبة المنافسين، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا ووكالة الفضاء الأوروبية، وإنشاء المحطة الفضائية الأكثر تقدماً التي تدور حول الأرض.