كتب: مصطفى سيد
ما أن تطأ بقدميك في الحرم الرئيسي بجامعة عين شمس والتي تقع في حي العباسية، يخطف نظرك، هذا القصر المهيب داخل أسوار الجامعة، وتبدأ رحلة التساؤل ما قصة هذا القصر، ولماذا يتواجد قصرًا داخل جامعة؟
وسيأخذكم “صدى البلد جامعات” في رحلة عبر الزمن للتعرف على قصة قصر الزعفران: –
وِضع حجر الأساس للقصر في عام 1864م في فترة حُكم إسماعيل باشا، وبُني على أنقاض قصر الحصوة الذي بناه محمد علي باشا، وتم بناؤه على طراز قصر “فرساي” الفرنسي الذي قضى فيه “إسماعيل باشا” فترة تعليمه، وبناه المعمار المصري مغربي بك سعد.
وفي الأعوام التي تلت بناء القصر مرضت “خوشيار هانم” الدة الخديوي إسماعيل، لتُقيم والدته في القصر وزُرع نبات الزعفران في مساحات شاسعة حول القصر، لذلك سُمي بقصر “الزعفران”.
و بحسب الموقع الرسمي لجامعة عين شمس، ففي عام 1901 – 1902م وفي موقع القصر القديم تم بناء قصر جديد على يد أنطونيو لاشاك معماري إيطالي من أصل نمساوي، ووضع حجر الأساس للقصر في يوم 24 أغسطس عام 1901، وتم بناء القصر لأرملتي الراحل الخديوي إسماعيل، وكلفت الأرملتان المعماري الإيطالي بوضع وحدات زخرفية تمثل زخرفية المونوجرام الخاص بالخديوي من خلال وضع الحرف الأول من إسمه داخل إكليل نباتي مكون من غصنين متقابلين في شكل دائري يعلوهما التاج الملكي.
وبعد وفاة السيدتين اشترى الملك فؤاد الأول أصول القصر من الورثة وباعه للحكومة في عام 1925 للحكومة، وكان البيع يتضمن حديقة بداخلها قصرين، مبنى القصر الرئيسي-القائم الأن- ومبنى سراى ملحق بالقصر ومبى اسطبلات ولكنهما اندثرا في الستينات.
وقررت الحكومة المصرية في عام 1921م إنشاء مدرسة ثانوية جديدة داخل القصر، وبعد موافقة الملك فؤاد الأول أصبح إسمها “مدرسة فؤاد الأول”.
وفي عام 1925م أصدر الملك فؤاد الأول مرسومًا بإنشاء الجامعة المصرية وتنظيمها، وبدأت الدراسة في العام 1925 – 1926 داخل قصر الزعفران حتى يتم بناء الحرم الجديد، وأصبح أحمد لطفي السيد أول مديرًا للجامعة، وكان العالم علي مصطفى مشرفة يعمل بمنصب أستاذ الرياضات التطبيقية بكلية العلوم كذلك كان يشغل الدكتور طه حسين أستاذ التاريخ العربي بكلية الآداب.
وانتقلت الجامعة المصرية إلى موقعها بالجيزة واستردت الحكومة المصرية القصر، ولكن في عام 1930م اشترته وزارة الخارجية، وحولته لضيافة كبار الشخصيات، وأول من أقام به هو الملك ألبرت الأول ملك بلجيكا وزوجته الملكة إليزابيث، وكان القصر شاهدًا على زيارة الملك عبدالعزيز آل سعود ملك السعودية في زيارته لمصر عام 1946م.
وشهد القصر على المفاوضات المصرية الإنجليزية عام 1936م والتي بدأت داخل القصر، كذلك مفاوضات الجلاء في عام 1946م حيث تم إعداد القصر لاستقبال الوفد البريطاني.
وأصدر الملك فاروق ملك مصر قرارًا بإنشاء جامعة “إبراهيم باشا” وصدر القانون عام 1950 بإنشاء الجامعة، وتبنّى طه حسين وزير المعارف آنذاك الإشراف على الإنشاء.
وكان الدكتور محمد كامل حسين أستاذ جراحة العظام أول رئيس للجامعة، وأهدى اللواء محمد نجيب رئيس الوزراء قصر الزعفران إلى الجامعة لتصبح المقر الجديد للجامعة.
وفي عام 1954م قرر مجلس قيادة الثورة تغيير اسم الجامعة من “إبراهيم باشا” إلى جامعة “هيليوبوليس” ولكن في نفس العام تم تغيير الاسم لتصبح “جامعة عين شمس” وهو الاسم العربي “إيونو” وهو الاسم اليوناني للمدينة بمعنى “مدينة الشمس”، واختير تصميم الشعار باختيار المسلة والصقرين.
في عام 1950م كان هناك ثمان كليات فقط (الآداب – القانون -التجارة – العلوم – الهندسة – الطب – الزراعة – البنات) وفي عام 1969م أضيفت كلية التربية، وعام 1973م أضيفت كلية الألسن، وفي عام 1994 تم إنشاء كليتي الصيدلة، طب الأسنان وكلية الحاسبات والمعلومات، وفي عام 1998 تم إنشاء كلية التربية النوعية.
وبعد تحويل قسم الآثار بكلية الآداب إلى كلية خاصة، أصبحت الجامعة تضم 17 كلية، والمعهد العالي للدراسات والبحوث البيئية، وأصبح قصر الزعفران مقر إدارة جامعة عين شمس.