أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى ستة أحكام متعلقة بمن توفي بفيروس كورونا، ويؤكد الأزهر أن امتهان جثة المتوفى به أمرٌ مُحَرَّمٌ ومُجَرَّمٌ منافٍ للدين والإنسانية والمروءة.
- المُتوفَّى بفيروس كُورونا نحتسبه عند الله من الشُّهداء، له أجر شُهداء الآخرة؛ لعموم قول سيِّدنا رسول الله ﷺ: «ومَن ماتَ في الطَّاعونِ فَهوَ شَهيدٌ» [صحيح مسلم]، ويَسرِي عليه ما يسري على أموات المُسلمين من غُسل وتكفين وصلاة جِنازة.
- عند تغسيل المُتوفَّى بفيروس كورونا يلزم شرعًا أخذ كافَّة التَّدابير الاحترازية لمنع انتقال العدوى، وارتداء مُغَسِّله الواقيات الطِّبيَّة، ويُكتَفَى بِصبِّ الماء عليه وإمراره دون تدليكه، وهو ما يحدث في المُستشفيات بالفعل من قبل المُتخصِّصين؛ وفقًا لتعليمات الطِّبِّ الوقائي في هذا الشَّأن، ويتم التَّخلُّص من ماء الغُسل بمعرفة الجهات المختصة وبحسب إرشاداتها في هذا الجانب.
وإن تعذَّر صبُّ الماء عليه خشية انتقال العدوى؛ يُمِّمَ كَتَيَمُّمِهِ للصَّلاة، وإذا تعذَّر مَسُّه لأجل التيمُّمِ ولو بخرقة تُوصِل الغبار مباشرة على وجهه ويديه؛ رُفع الحرج ودُفن دون غسلٍ أو تيمم؛ فالحفاظ على الحَيِّ أَولَى من المَيِّت؛ ولكن لا يُنتَقل مِن الأَصْل إلى صُورة أخفّ -مما ذُكر- إلا بضرورة مانعةٍ مِن فِعْل الأَصل، كلُّ حالةٍ بحسبها.
- يكون تكفين المُتوفَّى بفيروس كُورونا بستر جميع بدنه بثوب سابغ، ويستحب تكفين الرَّجل في ثلاث لفائف بيض، والمرأة في خمسة أثواب (إزار، وخمار، وقميص، ولفافتين) كما هو معلوم، وتلزم إحاطة الكفن بغلاف مُحكَم لا يَسمح بتسرُّب السَّوائل من جُثَّته، ثم وضعها في صُندوق مُحكَمِ الغلق، قابل للتَّنظيف والتَّطهير، وهو ما يحدث في المُستشفيات بالفعل من قِبل المتخصِّصين؛ وفقًا لتعليمات الطِّبِّ الوقائي في هذا الشَّأن.
- لا يُشترط المسجد لصحّة صلاة الجِنازة، وتجوز صلاتُها في المشافي، وفي الخلاء، وعلى المقابر؛ لعموم قوله ﷺ: «وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا، فأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أدرَكَتْه الصلاةُ فلْيُصلِّ» [صحيح البخاري]، وتنعقد صلاة الجِنازة جماعةً باثنين فأكثر، ويجوز تباعد المُصلين فيها.
- دفن المُتوفَّى بفيروس كُورونا -كدفن غيره- واجبٌ على المسلمين لا يسعهم تركه، وإذا قام به بعضُهم سقط الوجوبُ عن الباقين، ولا ضرر من دفن المُتوفَّى بفيروس كورونا بعد أخذ كافة الاحتياطات السابقة في أي مقابر، كما أكَّدت ذلك الجهات الطِّبية المُتخصِّصة محليًّا ودوليًّا.
- رفض استلام جُثَّة المُتوفَّى بفيروس كُورونا، أو اعتراض جِنازته ومنع دفنه، هو أمرٌ منكرٌ وسُلوكٌ محرمٌ، وأشد من ذلك نكارة نبش قبر المتوفى به أو حرق جثته، فكل هذه أمور منافية لتعاليم الإسلام والإنسانية ولحرمة الموت، ولأوامر الدّين بإكرام الإنسان، فضلًا عن أنَّها سلوكيات لا تليق بأصحاب المُروءة، وذوي الفضائل.
ويُؤكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أنَّه لا تجوز المُصادرة على حقِّ أهل المُتوفَّى بفيروس كورونا في دفن قريبهم في المكان المُخصَّص له، ويكفي ما ألمَّ بهم من ألمِ فراقه وعدم استطاعة رؤيته، كما أنه يحرم التنمر ضد المُصاب به، أو إيذائه أو الإساءة إليه، أو امتهان من تُوفِّي جرَّاءَه، وبوجوب إكرام بني الإنسان في حَيَاتِهم وبعد مَوتِهم، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..}. [الإسراء: 70].
كما يدعو مركز الأزهر العالمي للفتوى إلى ضرورة تقديم الدَّعم النَّفسيّ لكلِّ مُصابي كُورونا وأُسَرهم، وإلى تكاتف أبناء الوطن جميعًا للقيام بواجبهم كلٌ في مَيدانِه وبما يستطيعه إلى أن تتجاوز مِصرنا الحبيبة هذه الأزمة بسَلامٍ وسَلامةٍ إنْ شاء الله تعالى.