نظمت جامعة سوهاج، صباح اليوم، بالتعاون مع المجلس الإقليمي للسكان وديوان المحافظة ندوة بعنوان “حلوة الذرية.. بس مسئولية”، وذلك بالقاعة الزجاجية بمقر الجامعة القديم، بحضور الدكتور أحمد سليمان نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا، والدكتور مصطفى عبدالخالق نائب رئيس الجامعة لشئون البيئة، والشيخ جلال أحمد مدير إدارة الأوقاف بجرجا، والقس أبانوب رمسيس ممثلا عن الكنيسة، وحمدي نادي أحمد ممثل المجلس الإقليمي للسكان، والدكتور أحمد فتحي حامد رئيس قسم الصحة العامة، وأماني عثمان مدير عام إدارة التنظيم والادارة، ومحمد نصر مدير عام الموارد البشرية، ونخبة من ممثلي أعضاء المجلس القومي للمرأة بسوهاج.
وقال الدكتور أحمد عزيز رئيس الجامعة، إن مصر قبل نحو 20 عامًا كانت تمتلك نظامًا فعالًا لعملية تنظيم الأسرة، إلا أنها اليوم أصبحت الدولة الأولى عربيًا من حيث عدد السكان، فقد وصل عدد سكانها نحو 102.550.597 نسمة حسب إحصاءات عام 2020م، أي أنها تعاني حاليًا زيادة سكانية كبيرة تشكل تحديًا كبيراً للدولة، خاصة أن السكان يتركزون في مساحة جغرافية لا تتجاوز 5% من إجمالي مساحة مصر البالغة نحو مليون كم مكعب، وهذا يتسبب في حدوث مشكلة الإنفجار السكاني ونتيجة لذلك سيؤثر في موارد الدولة خاصة أننا مجتمع استهلاكي بطبعه وليس منتجا في مجمله، لذا نحن بصدد مشكلة جسيمة ليس من السهل حلها ولكنها غير مستحيلة الإنتهاء.
وفي كلمته قال الدكتور مصطفى عبدالخالق، إن مسألة تنظيم الأسرة لا تنبع من فراغ، إنما هي انعكاس لمجموعة من المتغيرات المستقلة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والديموغرافية، وبموجب تلك المتغيرات يتم رسم السياسات السكانية لكل مجتمع، فنجد بعض المجتمعات تدعو إلى تنظيم الأسرة، بينما يدعو بعضها الأخر إلى تشجيع الإنجاب في ضوء خلق موازنة بين الموارد الطبيعية والموارد البشرية–السكانية– وما يترتب على ذلك من نقص سكاني أو فائض سكاني.
وأوضح عبدالخالق، أن تنظيم الأسرة أو تشجيع الإنجاب مشكلة بحسب الظروف الإقتصادية التي يعيشها المجتمع، ففي الوقت الذي يشكل ارتفاع مستوى الإنجاب مشكلة سكانية في مصر وهو ما يترتب عليه فائض في حجم العمالة وارتفاع مستوى البطالة، فإن أقطار أخرى كدول الخليج أدى تعدادها السكاني المنخفض وإمكاناتها الاقتصادية المرتفعة إلى استيراد العمالة الوافدة، لافتًا إلى أن تنظيم الأسرة أصبح من العوامل الأساسية في إطار التخطيط الاجتماعي.
وقال الدكتور أحمد سليمان، إن مشكلة دول العالم الثالث هي أنه يعمل قدر طاقته لا قدر حاجته، والمشكلة السكانية مرتبطة بنواحي “اقتصادية، صحية، تعليمية، دينية” ومشكلات خاصة بالبنية التحتية، فإذا كانت مقومات الإعاشة لأسرة تفوق مدخلاتها فهناك خلل في ميزان مدفوعاتها، مضيفًا أنه الدولة مطلوب منها بناء طرق، تعليم، رعاية صحية وبنية تحتية ومجمل حصاد الأفراد يقل عن مصادر الإنفاق، ومن هنا جاء الحديث عن مشكلة السكان فلابد من إيجاد قناعات تؤدي لقرارات في صالح الدولة.
وأوضح حمدي نادي، أنه عندما يزيد عدد السكان عن عدد الموارد المتاحة زيادة مضطربة ومع محدودية الموارد تظهر مشكلة السكان، مشيرًا إلى أن الجامعة تتعاون مع المجلس والمحافظة في عمل عدد من المبادرات منها مبادرة “حلوة الذرية بس مسئولية” والتي تتناول المشكلة من عدة نواحي سواء مادية، أخلاقية، تعليمية وصحية، إلى جانب عمل تدريبات للأطباء والممرضين والجهات العاملة بمراكز تنظيم الأسرة، وأيضا الجهات العاملة في مجال السكان، بجانب إجراء بحوث سكانية يتم من خلالها تكثيف التوعية بمخاطر الزيادة السكانية، إلى جانب إعداد خطط استراتيجية لعرض جميع المعوقات التي واجهت تنفيذ تلك المبادرات وإيجاد الحلول لها.
وأشار الشيخ جلال أحمد، إلى أن جميع المجمعات الفقهية في عدة دول أجمعت على أن تنظيم الأسرة جائز شرعا وأيضا تأخير الإنجاب لأسباب صحية أو لإتمام التعليم جائز، وأيضًا أن الحمل أثناء فترة الرضاعة مكروه ولابد من وجود فترة زمنية مناسبة بين الحملين، موضحًا أن (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) فأيضًا (إنما أولادكم وأموالكم فتنة)، وكفى المرء بأن يضيع مكفوله فرب الأسرة مسئول عن جميع أفراد أسرته مسئولية متكاملة تربويا، دينيا وماليا، والمجتمع يبحث عن القوة الفاعلة وليس القوة العددية.
ومن جانبه قال القس أبانوب، إن الله خلق آدم وحواء لإعمار الأرض وأيضًا في الإنجيل آية تقول (من منكم يريد أن يبني برجا أن يجلس ليحسب النفقه ما يكفي بكماله) بمعنى أن المسئول عن أسرة وعن رعاية طفل يجب أن يحسب مسئوليته عنه وعن كفالته وتربيته لتجنب زيادة ظاهرة الأطفال فاقدي المأوى في سن ليس عليها سوى أن تلعب وتتعلم وتنعم بالأمان، مضيفًا أنه من الأوراق الاشتراطية بالكنيسة لاتمام أي زواج وجوب حضور كورس المقبلين على الزواج يتم فيه التوعية بضرورة تنظيم الإنجاب فهو مسئولية أمام العالم.
وفي كلمته قال الدكتور أحمد فتحي، إن المشكلة السكانية هي الغول الذي يلتهم مشروعات الدولة التنموية منذ عقود كثيرة، فإذا زاد العدد الكلي للسكان زيادة كبيرة مقابل المقدرات المالية والطبيعية فنحن أمام مشكلة، كما أن زيادة الموارد أمام قلة السكان تسببب مشكلة في نقص الموارد البشرية والخلل في الكفتين سواء زيادة أو قلة يترتب عليه نتائج جسيمة، مشيرًا إلى أن هذه الزيادة من أسبابها الرئيسية الممارسات الخاطئة من عادات موروثة مثل الزواج المبكر، كثرة الإنجاب لغرض العزوة أو لإنجاب الولد، الهجرة من الريف للمدن مما يمثل ضغط على المساحة المئهولة ويتسبب في إنفجار سكاني.
ومن الجدير بالذكر أنه تم فتح باب المناقشات والأسئلة بين المنصة والحضور.