(لتكن هناك كلية للإقتصاد والعلوم السياسية ولتكن منارة للنخبة من الآن فصاعدا ) هكذا عبرالأستاذ الدكتور محمد زكى شافعى أول عميد لكلية الأقتصاد والعلوم السياسية -فى قرار إنشاءها رقم 91 لسنة 1959- عن آمال الدولة وتطلعاتها فى جيل من المتخصصين فى الاقتصاد والاحصاء والسياسة ، وتعبير منارة التخبة أصبح صفة لصيقة بالكلية جعلها نموذج للإلتزام والرقى ..
الكلية أنشئت بمقررات على غرار كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية لتكوين شخصيات متكاملة بهدف دعم عملية التنمية الشاملة والمستدامة عبر دراستها وتحليلها والتنبوء بالمشكلات حتى يتمكن صانع القرار من إيجاد حلول واقعية .
وبمناسبة مرور 60 عاماً على إنشاء أول كلية للأقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ، أصدرت الكلية الجزء الأول من كتاب ” سنوات الحلم والريادة “والذى يستعرض تاريخ الكلية خلال 20 عاماً منذ 1960 الى 1980
ويتبعه جزآن آخران قريباً .. أعدت الكتاب أحد ابرز أبناء الكلية ، الدكتورة نيفين مسعد أستاذ العلوم السياسية والتى قامت بمجهود وافرلتقديم كتاب غير تقليدى .. أقتربت فيه من روح الكلية وزخمها الطلابى وتألقها وتوهجها خاصة فى سنوات النشأة من خلال إجراء مقابلات مع عدد من جيل الرواد
مذاق الكلية :
وبتحليل علمى وسياسى واجتماعى وإنسانى رائع قدمت تاريخ الكلية منذ بدايتها وحتى الآن واستعرضت رموزها من دفعاتها المختلفة ممن تميزوا بالثراء العلمى و عمق الأثر فى المجتمع الجامعى والعام .. بداية من أول دفعة للكلية والتى كان عددها 35 طالب فقط منهم 10 فى قسم العلوم السياسية و14 فى قسم الاقتصاد و11 فى الاحصاء !
وفى الباب الرابع من الكتاب قدمت د نيفين عنوان معبر عن حميمية العلاقات سواء بين الطلبة وبعضهم البعض أو بين الأساتذة وطلابهم ..قالت أن التشابه فى المظهر والسلوك بين الطلاب والطالبات داخل الكلية كان واضحاً رغم تباين الأصول الإجتماعية والإنتماءات الطبقية ..
ومن بين المواقف التى ذكرتها ان طلاب دفعة 1962لم يعرفوا ان هدى جمال عبدة الناصر ابنة الرئيس جمال عبد الناصر بينهم الا عندما قامت بتوجيه سؤال فى محاضرة قانون ، فلم تكن تصاحبها هالة أو أمن بل فرد حراسة غير ظاهر بين الطلاب.
وومن المواقف الطريفة التى ذكرتها هو قيام أستاذ الإحصاء الدكتور عبد الرحمن البدرى ( المنحدر من دمياط) بدعوة الدفعة كلها على العشاء فى منزله دحضداً لمايشاع عن أهل دمياط من حرص مادى.
وتسرد د. نيفين مواقف أخرى منها ..قضاء د فتح الله الخطيب شهر العسل بعد زواجه فى شقة تلميذه السابق جميل مطر فى روما حيث كان سكرتير ثالث فى السفارة هناك .ونجد د ةمحمود خيرى عيسى يصطحب طلابه فى سيارته الشيفروليه المجنحة ويدعوهم الى شاى ” كومبليه ” فى بيته بينما يقدم لهم الدكتور عبد الملك عودة طعاماً شهياً منةصنع زوجته الحاجة زينب فى بيته بالهرم .
وتم تقسيم الكتاب الى 8 أبواب ، الأول عن تطور جهود توثيق تاريخ الكلية ، الثانى عن الجذور المؤسسية للكلية ، الثالث عن قراء فى وثائق النشأة ، الرابع مذاق الكلية ، الخامس الحياة الطلابية ، السادس رموز السنوات الذهبية ، السابع الكلية الآن ، الثامن خزينة الذكريات
فكرة الكتاب:
وتقول د نيفين.. فكرة الكتاب تعود لعام 2016 وصاحبتها هى الدكتورة هالة السعيد عميدة الكلية وقتها، ومع حلول موعد الإحتفال بمرور ستين عاماً علي إنشاء الكلية في عام ٢٠٢٠ وافق الأستاذ الدكتور محمود السعيد عميد الكلية علي إصدار الكتاب في شكل ورقي ، وطلب أن يغطي الكتاب كل تاريخ الكلية الممتد من عام ١٩٦٠ حتي عام ٢٠٢٠، لكن كان هذا الأمر صعباً ويتطلب وجود فريق عمل ضخم . لذلك طلبت الاقتصار علي أول عشرين عاماً من عمر الكلية أي من ١٩٦٠ تاريخ النشأة وحتي ١٩٨٠، وذلك كجزء أول يتلوه جزآن آخران .
وبدأت فيه وبهرتني المعلومات والذكريات وتوحدت تماماً معها . وحرصت في مقابلاتي ألا أقتصر علي أسماء الأعلام من أساتذة الكلية بل أيضاً قابلت بعض صانعي هذه المرحلة من كبار القامات من خارج أساتذة الكلية . راسلت خريجين يقيمون خارج مصر ، وسمعت رسائل مسجلة وتلقيت مساهمات مكتوبة .
وتضيف د نيفين : لجأت لأقارب الرواد الراحلين وفوجئت مثلاً من دكتورة هالة إبنة أستاذنا الدكتور إبراهيم صقر أن شهادة الماچستير التي حصل عليها والدها -رحمة الله عليه- من جامعة كاليفورنيا موقعة من رئيس الولايات المتحدة أيزنهاور ، فقمت علي الفور بتصوير الشهادة ووضعتها في الكتاب ،جمعت عدداً أكبر من الصور والوثائق والأخبار والمقالات عن الكلية وضمّنتها كلها في الملاحق .
لقد بذلتُ في إنجاز هذا العمل جهداً محبباً إلي نفسي لأني أكتب عن ما أحب ومن أحب ، وكما قلت في مقدمة الكتاب فإنني عندما فتحت خزائن الذكريات فوجدت فيها كنوزاً رائعة فاجأتني وأبهجتني.
المزيد: