أواخرهذا الشهر ٢٥ديسمبر تحتفل جامعة القاهرة بعيد افتتاحها..لذا نعيد نشر هذا المقال.
مابين شروقه وغروبها قرابة نصف قرن من الزمان ..أم كلثوم ومسرح جامعة القاهرة نموذج لإرتباط عبقرية الأنسان بعبقرية المكان كلاهما لمع وعُرف بالآخر، لتصبح “سيرة حب” بين فنانة سحرت العالم العربى بصوتها وقوة حنجرتها وموسيقاها العذبة وفنها الراقى وبين قاعة الإحتفالات الكبرى لجامعة القاهرة ..فكان مسرح الجامعة هو “الوطن” لصوتها الشجى لينطلق الى قمة النجومية ،ومن الصدف أن تلتقى تواريخ هامة للمسرح ولكوكب الشرق فى هذا الشهر،ففى (3فبراير) تمر الذكرى ال 46 لرحيل قيثارة الغناء العربى أم كلثوم.. وايضا غداً (7 فبراير ) يمر 93 عام على وضع حجرالأساس لإنشاء قاعة إحتفالات جامعة القاهرة الكبرى و المسرح الذى شهد أشهر وأهم تجلياتها الفنية فأضاف كلا منهما للأخر شموخاً وعظمة لدى الجمهور
وكانت باكورة اعمالها الغنائية على هذا المسرح قصيدة “”اذكروه خلدوه” في تكريم ذكرى طلعت حرب فى فبراير ايضا عام 1957.
كانت حفلات أم كلثوم بجامعة القاهرة نموذج فريد ومثالى لدور الجامعة الثقافى والفنى فى المجتمع .. فالجامعة تحتضن الفن الراقى وتسهم فى تقديمه للمتذوقين من كافة الأطياف والمستويات ، فكثيرا ما شهد مسرح الجامعة ليس فقط تلاقى اساطين الفن من الغناء والتلحين والشعر وإنما شهد نخبة المجتمع من السياسيين حتى الرؤساء والملوك العرب
فكثيرا ما حضر الرئيس جمال عبد الناصر حفلات “الست” بجامعة القاهرة،فكما كان يحضر حفلات عيد العلم لتكريم العلماء والباحثين كان يحضر حفلات الغناء والطرب الأصيل مساء الخميس الأول من كل شهر.
ووصفها الكاتب الكبير مصطفى أمين «أم كلثوم لم تكن مدرسة وإنما كانت جامعة استطاعت أن تجمع حولها جيلاً من المبدعين والفنانين والموسيقيين والشعراء والأدباء والسياسيين”
أرتبطت الجامعة بالفن الأصيل ..الفن ينطلق من جامعة العلم حتى أن قاعة جامعة القاهرة للإحتفالات ارتبطت فى ذهنية العامة من الشعب انها قاعة الست أم كلثوم التى شدت على خشبة مسرحها بأجمل الإلحان
وشهدت لقاء السحاب بينها وبين والموسيقار محمد عبد الوهاب لأول مرة بحضور الرئيس جمال عبد الناصر وقبل ان نستعرض تاريخ الغناء على هذا المسرح نستعرض تاريخ انشاءه.
القاعة صممها مهندسون فرنسيون
عبقريةالمكان :
قاعة الإحتفالات الكبرى أو قاعة الأميرة فاطمة كما كانت تسمى فى البداية تكريمًا للأميرة فاطمة صاحبة اليد الطولى فى إنشاء جامعة القاهرة نفسها التى افتتحت كمنارة للعلم والثقافة 1908.
وبعد استقرارجامعة العلم بعشرين عامًا قررالملك فؤاد الأول استكمال دور الجامعة فى الحياة فأصدر قرار فى 7 فبراير 1928 بإنشاء مبنى لإدارة الجامعة يحتوى قاعة إحتفالات كبرى بالجامعة وبها مسرح على مساحة 3160 م2 تعلوها قبة على شكل نصف كرة ارتفاعها 52 م تتميز بها جامعة القاهرة كرمز للجامعة
صمم المبنى مهندسون فرنسيون على شكل مبنى البرلمان المصري من الناحية الخارجية أما من الداخل فقاعة الاحتفالات الكبرى بنيت مشابهه لقاعة الأوبرا المصرية القديمة،وتم الإنتهاء منها عام 1936 ،والحقيقة ان الفرنسيين أبدعوا فيها لتصبح تحفة معمارية ومن ملامح إبداعهم أن تنتهى القبة بمجموعة من النوافذ في جميع الاتجاهات لتمد القاعة بالضوء الطبيعى.
و المدخل الرئيسى للقاعة –البهو- جدرانه تتميز بنفس الطابع المعمارى للقاعة حيث تعقد فيه الندوات الثقافية، والمعارض الفنية للموسم الثقافى والفني للجامعة.
المسرح يتسع لعدد (1099) متفرجا منها 148 مقعدًا مزوداً بجهاز للترجمة الفورية في الصفوف الأولى، ويتسع الدور الأول لعدد (1269) متفرجا والدور الثاني به (1264) مقعدًا، وقد تم تجديد القاعة أكثر من مرة حيث تم فرشها “بالموكيت” وتجهيزها بأحدث أجهزة الإضاءة والتكييف المركزى.
وروعى في أعمال التجديد الإحتفاظ بالطابع الهندسي المتميز للقاعة والتصميم المعمارى، ويعلو القاعة شعار الجامعة وزخارف على الجوانب مطلية بالذهب وتضم القاعة مسرحا كبيرا مساحته 20 × 20م2 وهو مجهز بكشافات الإضاءة اللازمة ويتسع للفرق الفنية والاستعراضية ويوجد تحت المسرح صالة للأوركسترا، كما يوجد بالصالة الرئيسية بنواران في اليمين ومثلهما في اليسار روعى في تصميمها الدقة ووضوح الرؤية.
وملحق بالقاعة أيضا مقصورة مجهزة لاستقبال السيد رئيس الجمهورية بها صالون مجهز، ومقعد خاص للسيد الرئيس وطاقم كامل ويوجد أيضا قاعة بها صالون آخر لاستقبال السادة الوزراء، ويعلو القاعة شعار الجامعة وهو يمثل صورة جيحوتى، أو (توت) وكان قدماء المصريين يعتبرونه إله المعرفة والحكمة والقانون – وقد صمم على هيئة رجل برأس طائر يمسك بيده قلما ولوحة ويتأهب للكتابة وعلى رأسه رمز لوحدة النيل في الدولة القديمة
عبقرية “الست” تحت القبة :
لايوجد تاريخ محدد لبدء العلاقة بين حفلات “الست ” وبين مسرح الجامعة ولكن توجد علامات وحفلات مازالت حاضرة حتى الأن
للسيدة التى تربعت على عرش الغناء العربى النسائى نصف قرن من الزمان من عام 1923 وحتى 1973حيث قدمت آخر حفلاتها الشهرية.
شدت بأهم وأشهر أغانيها عليه وأشهرها على الإطلاق (أنت عمرى) عام 1964 ولكن سبقها حفلات أخرى منها قصيدة “اذكروه خلدوه” في تكريم ذكرى طلعت حرب عام 1957 وكانت فى شهر فبراير ايضا .
ثم “اروح لمين ” عام 1959 و”أمل حياتى ” و”انت الحب ” و”غداالقاك ” و”فكرونى ” و”هجرتك ” و”اراك عصى الدمع ” التى غنتها فى احتفال عيد الشرطة عام 1966بحضور الرئيس جمال عبد الناصر .. واستمرت حفلاتها حتى 1973 حيث اعتزلت الغناء لمرضها وتوفيت 1975
وانطفأت انوار القاعة والمسرح رفيق النجاح المدوى بعدها بعام واحد، حيث مُنع الغناء فيها عام 1976 بأمرالأخوان المسلمين الذين سيطرواعلى الجامعات وقتها ، وشاء الله الا تعيش أم كلثوم حتى ترى ذلك المشهد بإسدال الستار على زمن الفن الجميل، الى أن عادت قاعة الاحتفالات الكبرى مرة أخرى الى الحياة – بعد سنوات اغلقت فيها بالجنازير فى وجه الحياة الفنية والثقافية – عام 1993 بعدما تولى د مفيد شهاب رئاسة جامعة القاهرة وأعاد لها الحياة بالموسم الثقافى والفنى للجامعة وعادت الفرق الموسيقية والمطربين لاعتلاء خشبة هذا المسرح العريق بحفلات الموسيقار سليم سحاب والموسيقى العربية وحتى حفلات عمر خيرت التى تكررت ف السنوات الأخيرة واعادت شغف الجمهور والتزاحم على تذاكر مسرح جامعة القاهرة من داخل الجامعة وخارجها .