قدم الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، ورئيس اجتماعات اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، التهنئة إلى السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، والسيدة لطيفة بن زياتن، الناشطة الفرنسية، وذلك لفوزهما بجائزة زايد للأخوة الإنسانية في نسختها الثانية، والتي تم الإعلان عنها اليوم.
وعبر رئيس جامعة الأزهر عن سعادته البالغة بهذا الفوز المستحق للشخصيتين المتميزين، لجهودهما الملموسة والحثيثة في سبيل التأكيد على مبادئ الأخوة الإنسانية وقيمها ومبادئها محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا.
وأضاف رئيس جامعة الأزهر أن جهود هاتين الشخصيتين تؤكد عن جدارة استحقاقهما للفوز بجائزة زايد للأخوة الإنسانية في نسختها الثانية، مؤكدًا على أن هذا الاختيار يعكس جهودهما في سبيل تحقيق الأخوة الإنسانية، التي كانت محل أنظار العالم أجمع.
ورحب رئيس جامعة الأزهر ورئيس اجتماعات اللجنة العليا للأخوة الإنسانية بانضمام الفائزين بجائزة زايد للأخوة الإنسانية، من أجل استكمال مسيرة الأخوة الإنسانية التي بدأها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، منذ عدة سنوات، لافتًا إلى أن الفوز بجائزة زايد للأخوة الإنسانية اليوم يعد تتويجًا لجهودهما المشتركة.
جدير بالذكر أن السيد أنطونيو غوتيريش تولى منصبه تاسع أمين عام للأمم المتحدة في عام 2017م، وشرع منذ ذلك الحين في العمل على إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها العالم، وخاصة فيما يتعلق بالسلم والأمن العالميين، حيث وضع سلسلة من الإجراءات الفعّالة التي تحقق السلام والاستقرار على المستوى العالمي، كما أطلق عديدًا من المبادرات الفردية والمشترك، بهدف القضاء على العنف ضد الإنسانية والعنف ضد الطبيعة وتحقيق السلام، ومن بينها مبادرة نزع الأسلحة النووية، ومكافحة الكراهية والعنف، ومبادرة التخلي عن خطط ضم الأراضي المحتلة في فلسطين، وحماية حقوق كبار السن وكرامتهم في أثناء كورونا وبعدها، ومبادرة “كوفاكس” التي تهدف إلى جمع ما يقرب من 4,2 مليار دولار، لشراء لقاح فيروس كورونا للدول الفقيرة بالقارة الإفريقية وذلك بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي.
لكن تبقى أهم المبادرات التي أطلقها غوتيريش في مارس 2020م، وهي مبادرة وقف إطلاق النار حول العالم، ففي يوم 23 من مارس وجه “غوتيريش” بصفته الأمين العام للأمم المتحدة دعوة لقادة الدول لدعم مبادرته الرامية إلى وقف إطلاق النار حول العالم، وتطبيق ما أسماه “بحظر الحروب” في سبيل مكافحة جائحة كورونا.
وفي يوم 24 من يونيو 2020م استجاب للدعوة التي أطلقها “غوتيريش” 170 من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة والمراقبين، وأعلنوا دعمهم لتلك الدعوة، وفي 1 من يوليو 2020م أصدر مجلس الأمن بالأمم المتحدة قرارًا يطلب فيه وقف فوري عام للصراعات لما لا يقل عن 90 يومًا، وقد حققت هذه المبادرة عديدًا من ردود الأفعال الإيجابية وحظيت بدعم واسع من القيادات المختلفة، ومن بينهم: بابا الفاتيكان، والرئيس الفرنسي، وعدد من المنظمات الدولية.
أما لطيفة بن زياتين فهي ناشطة فرنسية من أصول مغربية، كرست حياتها لرفع الوعي تجاه التعصب الديني، وذلك في أعقاب مأساة فقدان ابنها (عماد) في هجوم إرهابي في عام 2012م، ومنذ ذلك الحين أضحت لطيفة ناشطة حقوق مدنية معروفة في فرنسا وخارجها، حيث تعمل مع العائلات والمجتمعات لحماية الشباب من الوقوع في فخ التطرف، والعمل على نشر السلام وثقافة الحوار والاحترام المتبادل.
وقد اختارت لطيفة منذ رحيل ابنها طريق النضال وتكريس جهودها تخليدًا لذكراه من خلال السعي إلى معالجة الأسباب الجذرية للتطرف، وقد أظهرت في ذلك التزامًا كبيرًا بالدفاع عن القيم الأساسية للعدالة وحقوق الإنسان، ومن خلال التركيز على حقيقة أن الإقصاء والتهميش يؤثران على الكثير من القلوب الشابة، واختارت لطيفة خوض هذه المعارك مسلحة فقط بـ “سلاحين”، هما: المعرفة والتعليم، واليوم وبصفتها ناشطة معروفة في المجتمع المدني في فرنسا وعبر أوروبا تعمل لطيفة بشكل وثيق مع العائلات والمجتمعات، لمنع تطرف الشباب، ونشر رسالة الأخوة الإنسانية من خلال الوسائل السلمية، مثل: الحوار والاحترام المتبادل، ومن خلال تلك الجهود أظهرت لطيفة بوضوح أنها واحدة من أشجع نساء العالم، وأنها قادرة على الإسهام بقوة في صنع مستقبل أفضل للجميع، والقضاء على الأسباب التي تؤدي إلى العنف الذي لا معنى له، والذي أودى بحياة ابنها.