كتب- هدير علاء الدين
لم يلبث العالم أن يتنفس الصعداء بعد تفشي جائحة كورونا، واكتشاف سلالات جديدة متحورة من الفيروس نفسه، لتشكل تهديدًا للعالم بأسره، حتى ذاع صيت فيروس جديد يحمل اسم “فيروس نيباه”، والذي وصفه البعض بالفيروس الفتاك، ومازالت هناك أقاويل حول احتمالية انتشاره في دول العالم، فهل يعيد الزمن نفسه مرة أخرى؟ وعلى هامش ذلك، نرصد أبرز المعلومات التي تم الكشف عنها حول فيروس “نيباه“..
تاريخ الفيروس
وفقًا لتقرير صادر عن موقع “سكاي نيوز”، فإنه يرجع تاريخ اكتشاف فيروس “نيباه” لعام 1999، في إحدى مزارع الخنازير بماليزيا، ولم يتم رصد أي إصابات جراء هذا المرض حينها، ثم عاود في الظهور مرة أخرى في عام 2002، في بنجلاديش، وشرقي الهند، ليظل بمثابة الشبح الذي يظهر فجأة، ويختفي فجأة دون سابق إنذار.
وتبين خلال تلك الفترة، أن أغلب الإصابات البشرية التي نتجت عن الفيروس، نجمت عن اتصال مباشر بالحيوانات أو التعرض لإفرازاتها، حيث زعم بعض العلماء أن بول خفافيش الفاكهة، أو لعابهما، قد يكونا سببًا في انتقال الفيروس للبشر.
واستمر الأمر على هذا المنوال، حتى عام 2018، عندما أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرًا يحث على تسريع البحوث بشأن فيروس “نيباه”، للتصدي له في حالة انتشاره، كما وصفت “الصحة العالمية”، الفيروس بأنه يعد واحدًا من ضمن قائمة الأمراض ال 16، التي تشكل تهديدًا كبيرًا للبشرية.
وقالت “الصحة العالمية”، أن ما يسهم في انتقال العدوى بهذا الفيروس، هو الطعام الملوث، كما أكدت عملية انتقاله من إنسان إلى آخر بكل سهولة، خاصةً وسط غياب أي لقاح أو دواء لمواجهة هذا المرض في الوقت الحالي.
أعراض فيروس “نيباه“
يهاجم “نيباه” الجهاز التنفسي للمصاب، ليسير بذلك على خطى نظيره “كورونا”، حيث يُحدث مشكلات تنفسية شديدة لدى المصاب، والتهاب وانتفاخ في الدماغ، بالإضافة إلى الشعور المصاب بألم في العضلات، والدوار، وفي بعض الأحيان يدخل المريض في غيبوبة خلال مدة ما بين 24 إلى 48 ساعة.
ويرجح العلماء أن تتراوح فترة حضانة “نيباه” ما بين 4 و14 يومًا، لكن بعض التقارير ذكرت أن فترة حضانة الفيروس قد تكون أطول، لتصل في بعض الحالات إلى 45 يومًا، يتعافى بعدهم المصاب بشكل كامل، ولكن مازالت هناك احتمالية وجود تأثيرات طويلة المدى، كالصرع، والتهاب الدماغ، ولكن بحسب البيانات والمعطيات المتاحة حتى الآن، فإن نسبة المصابين الذين عانوا من هذه التأثيرات، تُقدر بحوالي 20% فقط من إجمالي المصابين.
طرق التشخيص والعلاج
يعتبر “نيباه” من الفيروسات المخادعة، لكونه يتشابه في الأعراض الناجمة عنه، مع العديد من الفيروسات الأخرى، وخاصةً “كورونا” الذي ما زالنا نتكبد خسائره، ونعاني من تبعاته حتى وقتنا هذا، وبالتالي تصُعب عملية رصد أو اكتشاف المرض.
ولكن يمكن رصد المرض حاليًا، من خلال فحص “تفاعل البوليميراز المتسلسل” في إفرازات جسم الإنسان، كما يمكن رصده أيضًا عن طريق الأجسام المضادة، ويجري ذلك عن تقنية مناعية مرتبطة بالأنزيمات.
أما عن العلاج، فلم تصل البشرية حتى الآن، لدواء أو لقاح فعال لمواجهة هذا الفيروس، أو حتى إنتاج لقاح يحمي من خطر الإصابة بالمرض.
فقد ذكرت الدكتورة أصالة لمع، دكتورة البيولوجيا الجزيئية والعلوم السرطانية، والباحثة في المركز الوطني للأبحاث العلمية في تولوز في فرنسا، في مقال لها، بصحيفة الجارديان البريطانية، الذي تحدثت فيه عن غياب العلاج لهذا الفيروس الخطير، مؤكدًا في تغريده لها على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، أن هدف المقال هو إلقاء الضوء على غياب الأبحاث، وتكرار الأخطاء التي ارتكبناها مسبقًا.
آراء وتصريحات بشأن فيروس نيباه
قال الدكتور هاني الناظر، رئيس المركز القومي للبحوث سابقًا، إن فيروس “نيباه” لم تشهد مصر ظهوره حتى هذه اللحظة، حيث لم يثبُت وجوده إلا في بعض دول جنوب شرق آسيا، مثل ماليزيا وبعض الدول حولها، مشيرًا إلى أن الأمر محدودًا في هذه الدول ولم يتحول لوباء أو جائحة.
وأضاف “الناظر”، أن فيروس نيباه موجود منذ زمن، ومعظم هذه الفيروسات تكون موجودة بشكل دائم، ومعظمها يمكن اعتباره كفيروس موسمي، مثل سارس وكورونا والأنفلونزا الموسمية والأنفلونزا الآسيوية منذ 20 سنة، موضحًا أن القلق والخوف من فيروس نيباه في الفترة الأخيرة ظهر بسبب أحد الجرائد الإنجليزية عندما قامت بنشر الخبر، في حين لم تؤكد منظمة الصحة العالمية انتشار الفيروس كما يهول البعض.
وعلى الجانب الآخر، أوضحت النائبة سمر سالم، العضو في لجنة الصحة بمجلس النواب المصري، في بيان، أن وسائل الإعلام تناولت خبر ظهور فيروس “نيباه” في الصين، الذي يصل معدل الوفاة بسببه إلى 75%، واصفةً إياه بالخطر الوبائي الكبير التالي للعالم، خاصةَ في ظل عدم استعداد شركات الأدوية لاكتشاف علاج له، نتيجة انصراف أنظار العالم لفيروس كورونا.
كما ناشدت “سالم” بضرورة القيام بأبحاث والتوصل لطرق مقاومة للفيروس، تأهبًا لأي سيناريوهات محتملة حول انتشاره في دول العالم، وتحوله لجائحة عالمية، كنظيره “كورونا”، الذي مازالت تسارع العديد من الدول، في وضع حدًا لانتشاره.