كتب- هدير علاء الدين
وسط موجات من المشاعر المتضاربة التي اجتاحت العالم بأكمله، من قلق وتوتر على إثر انتشار فيروس كورونا وسلالته الجديدة المتحورة، ومشاعر الأمل والاطمئنان التي من المُعتقد أن تستمر لفترة طويلة، بالتزامن مع بدأ العديد من الدول في حملات التطعيم باللقاحات العالمية المختلفة، أملًا في انقضاء الجائحة، يأتي التعليم في المرتبة الثانية بعد الصحة مباشرةً، لما يمثله من أهمية كبرى في حياتنا جميعًا.
وعلى هامش ذلك، فجر مركز مكافحة الأمراض والأوبئة الأمريكي “CDC”، في تقرير جديد له، مفاجأة جديدة للجميع، مفادها أن إعادة فتح المدراس وعودة الطلاب لها مرة أخرى، أصبح أمرًا يتسم بالأمان، ولا خطورة فيه حاليًا.
إعادة فتح المدارس أكثر فائدة
أكد مسؤولو الصحة بالمركز، أنه بالنظر لمعطيات وبيانات الوضع الحالي، التي تم رصدها، يتبين أن فوائد استكمال العملية التعليمية بالمدارس تفوق المخاطر المرتبطة بجلوس الطلاب بالمنزل، مشددين على أهمية الاستمرار في تطبيق الإجراءات الاحترازية بالمدارس، لمنع انتشار العدوى بالفيروس.
وأشار مسؤولو الصحة، في دليل الإرشادات والسياسات الخاص بإعادة فتح المدارس، أن الإجراءات الوقائية التي يجب أن تستمر في تطبيقها، والتي يأتي على رأسها، استخدام الكمامات، ومراعاة التباعد الاجتماعي من خلال التأكد من عدم وجود أي كثافة بالفصول الدراسية.
إمكانية انتقال العدوى بين الأطفال
قال الدكتور إريك سيو بينيا، مدير الصحة العالمية في نورثويل هيلث في نيو هايد بارك، في نيويورك، أنه بوضع مسألة فيروس كورونا المتحور في الاعتبار، بغض النظر عن السلالات الجديدة المتحورة، فإن الأطفال دون سن التاسعة، هم أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا، ومن ثم فإن انتشار أو انتقال العدوى بين الأطفال، يعد قليل للغاية.
كما أشار “بينيا”، أن إعطاء اللقاحات للمعلمين، هي بداية الطريق لإعادة فتح المدارس من جديد، فهذه الخطوة ستستهم في التقليل من مخاوف الطلاب وأولياء الأمور على السواء، بالإضافة إلى المعلمين أنفسهم.
وقال الدكتور أنتوني فوسي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية (NIAID) إنه يتفق مع البيانات الصادرة عن مركز مكافحة الأمراض والأوبئة الأمريكي، معربًا عن دعمه الشديد لها، لأنها تعتمد على دراسة وتمحيص شديد.
كما ذكر “فوسي” في البرنامج الصباحي، المذاع على قناة “MSNBC” الأمريكية، أنه من غير المحتمل أن يصاب الطالب بالعدوى في بيئة مدرسية مقارنةً بالمجتمع المحلي، ولذلك نحتاج إلى محاولة فتح المدارس، و إعادة الأطفال إلى المدرسة مرة أخرى.
قرار شديد التعقيد
أكد الدكتور كي سي رونديلو، عالم الأوبئة وأستاذ مشارك إكلينيكي في كلية التمريض والصحة العامة بجامعة أديلفي، على تفهمه للمخاوف بشأن إشكالية العودة للمدارس من جديد، وتأثيراتها في الصحة العامة، موضحًا أن هذا الأمر يختلف من مجتمع لآخر، بحسب ما يتوافر لديه من معلومات وبيانات بشأن الوضع الوبائي للفيروس، فما يعد خيارًا جيد لمجتمع ما، قد لا يناسب مجتمع آخر، لا يحمل نفس السمات أو الصفات التي يتمتع بها نظيره.
كما أوضح “رونديلو” أن هناك الكثير من البيانات والمعلومات التي نعرفها الآن عن فيروس كورونا المستجد، وبالتالي أصبحت الإجراءات الوقائية أكثر صرامةً وحزمًا، كما تم التأكد من مدى صحة بعض الأقاويل، والتي كانت تفيد بأن الطلاب هم أكثر الفئات عرضة للإصابة بكورونا، ولكن تم دحض هذه المعلومة مؤخرًا، فلم يثبُت صحة هذه الأقاويل إطلاقًا.
أبحاث تؤكد الأمر
كما نشر مركز مكافحة الأمراض والأوبئة الأمريكي، تقرير جديد لمجموعة من الباحثين، يؤكد أن الوقت قد حان لعودة المدارس مرة أخرى لاستقبال الطلاب، واعتمد الباحثون في تحليلاتهم على 17 مدرسة، في مقاطعة وود، ويسكونسن، تضم 4876 طالبًا.
ووجد الباحثون، أن امتثال الطلاب للإجراءات والقواعد الاحترازية، التي فرضتها هذه المدارس، بشأن ارتداء الكمامات، أسهم في التقليل الشديد من عدد الإصابات بفيروس كورونا، حيث لم يكن هناك سوى 7 حالات مرتبطة بانتشار داخل المدرسة لـ 191 حالة تم تحديدها بين الطلاب والموظفين، أي ما يعد أقل بقليل من 4% من الحالات المكتشفة.
اعتراضات ومخاوف
على الجانب الآخر، ذكرت بعض النقابات، في كاليفورنيا، وفيرفاكس، وفيرجينيا، أن التطعيمات وحدها، لا تمثل ضمانًا كافيًا لعودة واستئناف العمل من جديد، وذلك وفقًا لموقع Education Week.
كما وصف أحد الخبراء، هذا الأمر بالخطير، محذرًا الجميع على مواقع التواصل الاجتماعي من عواقبه الوخيمة، وذكر الدكتور فيناي براساد، الأستاذ المساعد في قسم علم الأوبئة والإحصاء الحيوي، في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو، بأن هذه النقابات “ستتحمل مسؤولية مطالبها غير المنطقية ومماطلاتها، ولست متأكدًا من أنها ستنجو من الحساب العام”.