كتب- هدير علاء الدين
يتعجب البعض من قدرة عام واحد، على تغيير خريطة العالم أجمع، في هذه الفترة الوجيزة، فأصبح فيروس كورونا أشد وطأة من الحروب والنزاعات، في نفوس الكثيرين، ينافس في شراسته أشهر الأوبئة فتكًا بالبشرية، فيصيب ما يشاء، دون النظر لأي اعتبارات، وكذلك يحصد الأرواح بكل قسوة.
فمنذ انتشار فيروس كورونا المستجد، العام الماضي، أخذ هذا الفيروس في التحور لسلالات أخرى، وذلك كسائر الفيروسات الأخرى، فرصد العالم أول سلالة جديدة متحورة للفيروس في المملكة المتحدة البريطانية، ثم سلالة جديدة أخرى في جنوب إفريقيا.
إعلان جديد لمنظمة الصحة العالمية
كشفت منظمة الصحة العالمية، في نشرتها الأسبوعية، أنها تراقب عن كثب، سلالتين جديدتين، لفيروس كورونا المستجد، تحت اسم “بي1″، وقد تم رصد هاتين السلالتين في البرازيل، في ولاية أمازوناس، وتم اكتشافهم أيضًا في اليابان، لدى 4 أشخاص قادمين من البرازيل، ومتحول آخر، وأوضحت المنظمة أن العمل مازال جاري لمراقبة مدى انتشار السلالتين، ومن ثم تقييم مستوى خطورتهم، لأنه لا يوجد سوى القليل من المعلومات حولهما، حتى الآن، ولا يدري احد إذا ما كانت قابلية الفيروس للانتشار وخطورته، تبدلت لهاتين السلالتين.
وأشارت الصحة العالمية، أن الخصائص الجينية للسلالتين الجديدتين، مشابهة للخصائص الجينية للفيروسين المتحورين السابقين، اللذان تم رصدهما في بريطانيا وجنوب إفريقيا، مما يستدعي إجراء دراسات أخرى، للحصول على القدر الكافي من المعلومات حولهما.
مخاطر السلالات الجديدة
وفقَا لتقرير تم نشره في صحيفة لوفيغارو، فإن رصد هاتين السلالتين في البرازيل، هو أمر يدعو للقلق، لأنه يحمل خصائص من طفرتين معًا، هما: “إن 501 واي” (N501Y) و”إي 484 كيه” ” (E484K).
وقد رجح التقرير، أن هذا من شأنه أن يتسبب في موجة انتشار جديدة للعدوى، في مدينة ماناوس البرازيلية، التي تأثرت بشكل كبير، بالموجة الأولى لفيروس كورونا المستجد، وهو الأمر الذي جعل العديد من العلماء يعتقد أن السكان في طريقهم لاكتساب مناعة جماعية.
كما أورد التقرير، أن هذا التحور في البرازيل، هو الأسرع انتشارًا للعدوى ومقاومةً للمناعة المكتسبة بعد الموجة الأولى لفيروس كورونا.
خريطة كورونا المتحور
كما أعلنت الصحة العالمية، عن العديد من المعلومات الجديدة، والبيانات التفصيلية، بشأن خريطة فيروس كورونا المتحور، بشكل عام، فأكدت أن السلالة الأولى المتحورة، التي رصدتها في المملكة المتحدة البريطانية، من قبل، أخذت في الانتشار في حوالي أكثر من 60 دولة على الأقل حتى الآن، أي أكثر بعشر دول، مما رصدته الصحة العالمية، في نشرتها الأسبوعية الماضية، وهو أمر يدعو للقلق، ويؤكد في ذات الوقت سرعة هذه السلالة الجديدة في الانتشار، كما وصفها العديد من الخبراء، من قبل.
وعن النسخة الثانية المتحورة من فيروس كورونا، والتي تم رصدها في جنوب إفريقيا، رجحت الصحة العالمية، أنها تعتبر الآن أشد شراسة وعدوى، من نظيرتها الأولى، التي ظهرت في المملكة المتحدة البريطانية، حيث تفشت هي الأخرى في 23 دولة، ومنطقة حتى الآن، أي بزيادة 3 دول جديدة، عن العدد الذي تم تسجيله في 12 يناير.
وأضافت الصحة العالمية، أن سلالة بريطانيا وجنوب إفريقيا، هما أسرع انتشارًا لكنهما ليستا أكثر خطورة، وقد أدت هذه السرعة في الانتشار إلى زيادة الأعباء على كاهل مقدمي الرعاية الصحية، في بعض البلدان، مثل: بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، بشكل كبير.
وقد رصدت الصحة العالمية، في هذه النشرة الأسبوعية، زيادة في معدل الوفيات، بموجب 9% في الأسبوع الذي انتهي في 17 يناير، وذلك مقارنةً مع الأسبوع الذي يسبقه.
دراسة مبشرة
كشفت دراسة علمية حديثة، على موقع “bioRxiv.org” العلمي، أن نتائج الفحوص المختبرية، أكدت أن لقاح شركتي “فايزر وبيونتك”، سيكن قادرًا على الوقاية من السلالة الجديدة المتحورة لفيروس كورونا، والتي ظهرت في المملكة المتحدة البريطانية، وسرعان ما انتشرت للعديد من دول العالم.
واستندت هذه الدراسة، التي لم يتم مراجعتها بعد، لتحليل عينات دم المشاركين في التجارب، وتحليل مكثف مقارنةً بالتحليلات التي نشرتها شركة “فايزر” في وقت سابق، حيث تم استخدام عينات دم 16 شخصًا، خضعوا بالفعل للتطعيم بلقاح “فايزر بيونتك”، ثم جرى تعريض هذه العينات لفيروس اصطناعي، مصمم خصيصًا ليحمل نفس البروتينات السطحية الموجودة على سطح السلالة الجديدة المتحورة، لضمان الحصول على نتائج سليمة.
وخلصت هذه الدراسة المبشرة، إلى أن أن الأجسام المضادة في عينات الدم المعروفة باسم “Comirnaty” تمكنت من تحييد الفيروس الاصطناعي، وهو الأمر الذي حدث من قبل، أثناء اختبارات اللقاحات على النسخة السابقة من فيروس كورونا المستجد، مما يمثل بارقة أمل للعالم بأكمله.
وعلى الجانب الآخر، قالت شركة فايزر، إن دراسة مختبرية مشابهة، لهذه الدراسة، كشفت بالفعل، أن لقاح “فايزر بيونتك” أثبت فعاليته ضد تحور أساسي واحد، يسمى “إن 501 واي”، وهو التحول الذي تم رصده في كل من السلالتين الجديدتين، في المملكة المتحدة البريطانية، وجنوب إفريقيا.