كتب- هدير علاء الدين
سيطرت حالة من الترقب والقلق على كافة أرجاء بريطانيا، وذلك منذ إعلان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، اكتشاف سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد بالبلاد، والتي قد تكون أكثر عدوى بنسبة 70%، وذلك بحسب المعطيات الأولية، معربًا عن قلقه الشديد إزاء التطور السريع للفيروس.
وسرعان ما تحول هذا القلق إلى خوف حقيقي مما ستؤول إليه الأوضاع، خاصةً بعد إصدار تعليمات لكافة المستشفيات البريطانية، بالاستعداد للتبعات الأكثر سوءًا، والتي قد تنتج عن السلالة الجديدة لفيروس كورونا.
تحذيرات ومخاوف
حذر بعض مديري المستشفيات ببريطانيا، من الوقوع في السيناريو الأسوء للسلالة الجديدة، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وذلك إذا تخطت البلاد حاجز ال50 ألف إصابة مع اليوم الرابع على التوالي، وبلغت نسبة ارتفاع معدلات الإصابة أكثر من 70%.
ومن جانبه، حذر البروفيسور اندرو غودارد، رئيس الكلية الملكية للأطباء، لبرنامج BBC الصباحي، أن احتفالات عيد الميلاد، ستؤثر على معدل ارتفاع الإصابات بالسلالة الجديدة لكورونا بالبلاد، متوقعًا أن تنعكس أعداد الإصابات الموجودة بالجنوب الشرقي في لندن، وجنوب ويلز، على بقية البلاد، خلال شهر أو شهرين، موضحًا قدرة السلالة الجديدة على الانتشار بشكل سريع.
وتابع “غودارد”، أن المستشفيات في بريطانيا تعاني من الضغط الشديد، معربًا عن خوفه من الطريق الطويل الذي قد يقطعه متخصصو الرعاية الصحية، داعيًا الجميع لاتباع الإرشادات الحكومية، حتى انتهاء فترة التلقيح، وتحقيق النتائج المرجوة منه.
الوضع الوبائي في بريطانيا
أعربت الدكتورة آمي جونز، مستشارة العناية المركزة في ويلز، لبرنامج bbc الصباحي، عن خوفها من افتقار المصابين للرعاية الصحية، خاصةً مع ازدحام المستشفيات الشديد، وإصابة ما يقرب من ربع عدد الطاقم الطبي بفيروس كورونا، وقيامهم بعزل أنفسهم، مما يجعل أمر تقديم الرعاية الصحية للمرضى أكثر صعوبة.
وتابعت “جونز”، أن الدعم المقدم للمستشفيات حاليًا، ليس كما كان في فترة الموجة الأولى؛ فلا يوجد سوى الحد الأدنى من فريق العمل القادر على المساعدة، مؤكدةً ارتفاع أعداد الإصابات بالتزامن مع احتفالات عيد الميلاد، كما ناشدت الجميع بالالتزام بالقواعد والإجراءات الاحترازية، معللةً ذلك بأن الفيروس ينتشر بسرعة كبيرة، ولا يوجد أماكن شاغرة بالمستشفيات.
يأتي ذلك في الوقت الذي يقال فيه إن ما يقرب من نصف مستشفيات الوحدات الثانوية (هوسبتال تراست)، التي تقدم رعاية ثانوية لهيئة خدمات الصحة العامة في إنجلترا، تتعامل مع عدد هائل من مرضى كورونا، يفوق معدلات الإصابة في ذروة الموجة الأولى في أبريل، كما تشهد هيئة الصحة العامة ضغوطًا كبيرة “في عز فصل الشتاء”.
قيود وإجراءات جديدة لاحتواء الأزمة
قال بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، أن البلاد بصدد الدخول في مرحلة القيود الجديدة الأكثر صرامة؛ وذلك لمواجهة انتشار العدوى بسلالة كورونا الجديدة، التي باتت تمثل الخطر الأكبر بالنسبة لبريطانيا، خاصةً مع تزايد أعداد الإصابات على نحو مقلق للغاية، فقد سجلت بريطانيا، يوم السبت، أعلى حصيلة إصابات يومية بالفيروس منذ بداية الوباء، حيث بلغ معدل الإصابات 57725 حالة، بالإضافة إلى 445 حالة وفاة، لتعد بذلك أكثر البلاد تضررًا في أوروبا، بتسجيلها لأكثر من 2.6 مليون إصابة، وحوالي 75 ألف حالة وفاة.
وعن الإجراءات الجديدة، ذكر “جونسون” أنه لا يمكن التكهن بأي منها حتى الآن، حيث سيتم اتخاذها بناءً على ما ستؤول إليه الأوضاع، مؤكدًا أن قرار إغلاق المدارس، الصادر بشهر مارس، كان من أهم هذه الإجراءات، كما سيستمر إغلاق المدارس الابتدائية والثانوية، بكافة أنحاء لندن وبعض الأجزاء الأخرى من جنوب شرق إنجلترا، لمدة أسبوعين على الأقل للتعلم الشخصي، باستثناء الطلاب المعرضين للخطر وأطفال العاملين المهمين.
كما أكد “جونسون”، أن الوضع الوبائي في بريطانيا سيتجه نحو التحسن بحلول الربيع، مع انتهاء فترة التلقيح، التي يتم فيها إعطاء الأولوية لكبار السن، والأشخاص المعرضين للخطر سريريًا، بالإضافة للعاملين بمجال الرعاية الصحية والاجتماعية، خاصةً مع استعداد بريطانيا لتقديم 530 ألف جرعة من لقاح أكسفورد- أسترازينكا، وذلك اعتبارًا من يوم الاثنين، بالإضافة لجرعات لقاح فايزر/بيونتيك التي تم توزيعها مسبقًا.
وقد ذكر البروفيسور أنتوني هارندن، نائب رئيس اللجنة المشتركة للتلقيح والتحصين في بريطانيا، علىBBC 4 ، أن الجرعة الواحدة من لقاح فايزر/بيونتيك، توفر حماية بنسبة 90% من المرض.
انتقادات حول خطط بريطانيا لمواجهة الأزمة
وعلى الجانب الآخر، يرى دومينيك هاريسون، مدير الصحة العامة في بلاكبيرن وداروين، ضرورة اتخاذ قرار جديد بالإغلاق الأسبوع المقبل، وذلك لتفادي ارتفاع معدلات الإصابة بالفيروس، في الشمال كمثيلاتها في لندن والجنوب الشرقي، وحتى لا يتم التعامل بشكل متأخر مع الأزمة، مثلما كان يحدث من قبل.
كما أعرب الدكتور أنتوني فوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الحكومة الأمريكية، عن عدم اتفاقه مع خطط بريطانيا لتطعيم أكبر عدد ممكن من الناس، بجرعة أولى فقط من لقاح فايزر/ بيونتيك، وتأخير الجرعات الثانية، مؤكدًا أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتبع هذا المسار.