مجلس الوزراء أقر تعديل قانون التعليم واعتماد الثانوية التراكمية أمس
منذ موافقة مجلس الوزراء أمس برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل نص المادة (28) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، والخاصة بقواعد امتحانات الثانوية العامة، ويقضي التعديل بأن “تُعقد امتحانات التقييم التي يحتسب على أساسها مجموع درجات الطلاب بمرحلة الثانوية العامة بسنواتها الثلاث المنصوص عليها بالمادة (23) من هذا القانون في نهاية كل سنة دراسية من تلك السنوات، ويحتسب مجموع الطالب بمرحلة الثانوية العامة على أساس المجموع الحاصل عليه في السنوات الثلاث عن كافة المرات، التي أدى فيها الامتحان في كل سنة دراسية، ويحق للطالب دخول الامتحان أكثر من مرة ليختار النتيجة التي يرغب في أن تُحتسب له ضمن مجموعه”.
سادت حالة من الجدل بين أولياء الأمور والعاملين في مجال التعليم، حول مدى فائدة عودة نظام الثانوية التراكمية، بصورة جديدة فبين من يرى أن النظام عودة للوراء إعادة إنتاج نظام عفا عليه الزمن، وبين من يرى أنه سيتيح أكثر من فرصة للطالب لتحسين المجموع الذي يحصل عليه، وبالتالي يخفف الضغط على أولياء الأمور، ومن هذا المنطلق تواصل “صدى البلد جامعات”، مع عدد من الخبراء التربويون، وأولياء الأمور لمعرفة وجهة نظرهم في النظام الجديد.
الثانوية العامة ليست “حسبة برما”
قالت الدكتورة سهير صفوت أستاذ مساعد علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس، أن قرار مجلس الوزراء بتعديل نظام الثانوية العامة، مثير للعديد من التساؤلات، والإشكاليات التي تحتاج إلى التفكير فيها بعمق، فهل وصلة الثانوية العامة أنها تكون “حسبة برما”، لدرجة أننا لا نستطيع التوصل لنظام موحد لتقييم الطلاب فيها، فمن النظام القديم، إلى نظام التحسين على مدار سنتين ثم نظام البوكليت، وصولاً للنظام التراكمي، فإلى متى يظل التلاعب بأبنائنا ومستقبلهم لهذه الدرجة.
استطلاع رأي أولياء الأمور:
وأضافت صفوت في تصريحات خاصة ل”صدى البلد جامعات”، فإذا كنا غير قادرين على تحديد نظام للثانوية العامة، فيجب دراسة خبرات التجارب السابقة لدول أخرى، أو عمل استطلاعات رأي قبل التحويل من نظام إلى أخر، لأولياء الأمور أو المعلمين والمتخصصين في التعليم، للوصول للنظام المناسب، وليس اتخاذ قرارات فوقية دون السماع لأحد.
وأوضح أستاذ علم الاجتماع أن قرار السماح بالإعادة، و بمصروفات غالية الثمن يفتقد العدالة الاجتماعية، لأنه يتيح فرصة لمن يملك أن يستمر في مسيرة التعليم، ومن لا يملك فليس من حقه أن يكمل تعليمه، حتى وإن كان يملك القدرات والمهارات العقلية، فأعتقد أن القرار كان يحتاج إلى دراسة أكثر، وإلى استطلاع رأي والتعامل مع المهتمين بالشأن التعليمي، وطرح الأمر للمداولة قبل سقوط القرار علينا بهذا الشكل، خاصة وأننا مررنا بنفس تجربة الثانوية التراكمية من قبل، والتي تسمح لكل طالب بإعادة المواد التي لا يحصل فيها على المجموع المرضي، وكانت عواقبها بعد ذلك غير جيدة، وأحدثت العديد من المشاكل.
فما هو السر في إعادة تجربة قديمة وأنظمة عفا عليها الزمن، وأثبتت فشلها، هل ليس هناك تفكير في نظام جديد للتعامل مع هذه السنة؟، والغريب أيضاً أن القرار لم يوضح موقف الطالب بعد إنهاء الثانوية العامة، هل ستتحول إلى سنة دراسية عادية، ويصبح الدخول للجامعات بنظام اختبارات القدرات، أم بالنظام العادي ونرى طلاب حاصلين على مجموع 150% كما حدث سابقاً، فنحتاج إلى إجابات على كل هذه التساؤلات، وأن تكون واقعية والنزول من البرج العاجي للربط مع الشعب.
يتنافى مع حق التعليم المثبت في الدستور:
وأشارت الدكتورة هبة سامي، عضو هيئة التدريس بجامعة عين شمس، إن قرار مجلس الوزراء بتعديل قانون التعليم، والذي يقضي بعقد امتحانات الثانوية العامة على مدار الثلاث سنوات، ويصبح نظام التقييم تراكمي، من المتوقع أن يلقي غضب شعبي كبير يمكن تجنبه بالعدول عن تنفيذ هذا القرار، أو على الأقل بعمل استفتاء شعبي وهو أمر مشروع لأولياء الأمور، فيما يخص مستقبل ابنائهم.
وأردفت سامي أن هذا القرار سوف يشكل ضغط عصبي ومادى كبير على الطلاب وأولياء أمورهم، ولا ينبغي أن يتم التصديق على قرار كهذا يمس مستقبل الطلاب بصورة مباشرة، إلا بعد الرجوع للمتخصصين في مجال التعليم وعلم النفس، وبعد عمل استفتاء شعبي، وقد سبق وتم تنفيذ مثل هذا القرار بما سمي بنظام التحسين وأثبت فشله، كما أثبت عبئا ثقيلا على الطلاب وأولياء أمورهم.
نظام السنة الواحدة هو الأصلح:
وأوضحت أنه فيما يخص تحصيل رسوم إضافية لعقد امتحانات متكررة لنفس المادة، فهو أمر يتنافى كليا مع المساواة في حق التعليم للجميع، المثبت في الدستور المصري، خلاصة القول فإن نظام سنه واحده للثانويه العامه هو النظام الأصلح لمجتمعنا بكافة أطرافه، وهو النظام الأجدر بالتطبيق بعيدا عن مد الثانوية العامة إلى أكثر من سنة أو ربطها برسوم يتم تحصيلها.
عن اتجاهات استثمارية ويقضي على مجانية التعليم
وأوضح الدكتور عبد الرحمن ناجي، عضو هيئة التدريس بكلية التربية جامعة عين شمس، أن قرارات مجلس الوزراء بتعديل قانون التعليم الذي من شأنه تعديل نظام الثانوية العامة، يطرح تساؤلات، عن مدى حرص وزارة التربية والتعليم على تفعيل المادة رقم ٣ من قانون سنة ١٩٨٣، فأين الخدمات التعليمية المجانية التي تقدمها الوزارة؟، وإذا ما وضعنا تلك التعديلات في إطار التعديلات الأخيرة بقانون رقم ١٦ في عام ٢٠١٩ وقانون التعليم ١٣٩ لسنة ١٩٨١، تتضح لنا التوجهات الاستثمارية لوزارة التعليم الحالية، حيث أنها تتيح الفرصة الأولى مجانا وتسعى إلى تحصيل رسوم مقابل الفرص التالية.
ويري ناجي أن القرار يعبر عن توجهات استثمارية لا تجهلها عين، حيث تم حجب الخدمات التعليمية تماما عن التلاميذ وأولياء الأمور، تعللا بجائحة كورونا واستبدال تلك الخدمات، بدلا من تطوير دور المدرسة، بخدمات أخرى بمقابل مادي، ولم تتعلم الوزارة من الخبرة السابقة بتقسيم الثانوية العامة إلى سنتين ثم فشل التجربة وإلغائها والعودة إلى نظام العام الواحد، فنحن نود الآن إعادة التجربة على مدى أوسع ليشمل المرحلة الثانوية كاملة ولنا ان نتخيل الأعباء المالية التي تقع على عاتق الأسرة، بين الدروس الخصوصية وقنوات الوزارة ومنصاتها والتي لا تقدم مجانا على الإطلاق عل عكس زعم الوزارة.
لا توجد ضمانة لثبات المستوى التعليمي:
بل أن الوزارة تقوم بالدعاية للمنصات التي تقدم خدمات بمصروفات، فأين التعليم المجاني وأين يذهب أولياء الأمور؟، وفي حالة تطبيق النماذج الامتحانية المتعددة فلا توجد ضمانة لثبات المستوى التقييمي، وخاصة في ظل عدم كفاءة الكثير من المشاركين في وضع بنوك الأسئلة، واتضح في الأعوام السابقة كم الأخطاء الموجودة في الامتحانات، ولا أفهم الإصرار على الامتحانات الرقمية في ظل تدني كفاءة خدمات الانترنت، والتي تم اختبارها في الأعوام السابقة وأثبتت فشلها مما دفع الوزارة إلى تقديم الامتحانات الالكترونية، من خلال شبكات لا مركزية بالمدارس.
وتابع ناجي الوزارة تتعامل مع المجتمع المصري أن عليه أن يقدم جيلا كاملا، حتى تقوم باختبار كافة الاحتمالات الفاشلة تاريخيا مجددا، لتتأكد مجددا من فشلها حتى تدرك أهمية التطوير الحقيقي للعملية التعليمية، والتي ترتكز على النهوض بالأوضاع المالية والمهنية للمعلم بشكل حقيقي، بعيدا عن الدعائية وتطوير الأبنية التعليمية والتوسع في بناء المدارس وتجهيزها، والاهتمام بتطوير المناهج الدراسية وليس برقمنتها، التعليم حق لدافع الضرائب وليس رفاهية ولا ينبغي على الوزارة أن تدخل انشطة استثمارية في التعليم.
تحسين جودة المنظومة التعليمية:
وعلق الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أن التعديلات التي أجريت على قانون التعليم، والذي أقرها مجلس الوزراء خلال اجتماعه اليوم، تأتي في إطار تحقيق الخطة الاستراتيجية للتنمية المستدامة “رؤية مصر 2030″، والتي ترتكز على توفير التعليم لجميع الطلاب دون تمييز.
بالإضافة إلى تحسين جودة منظومة التعليم ومخرجاتها بما يتماشى مع الأنظمة العالمية، وكذلك لتعزيز التنافسية والنهوض بمخرجات التعليم، ولاسيما مرحلة الثانوية العامة، لذا فكان تطوير هذه المرحلة من حيث المناهج الدراسية، وطرق الامتحان، أمرا مُلحا وضروريا وحتميا، انطلاقا من أهمية تأهيل طلاب تلك المرحلة للمنافسة في أسواق العمل العالمية.