كتب – هدير علاء الدين
باتت قضایا التحرش الجنسي من قضایا الساعة في الوقت الحالي، خاصة في ظل اھتمام الدولة بفرض قوانین رادعة لمثل تلك السلوكیات سواء التي تُمارس في الحیاة الیومیة، أو تلك الممارسات التي تحدث إلكترونیًا، بالإضافة للدور البارز لمؤسسات المجتمع المدني في تلك العملیة، وذلك من خلال إقامة الندوات التثقیفیة التي تستھدف الجمھور العام ولیس فئات بعینھا، وتعتمد في ذلك على أدوات متعددة منھا: وسائل الإعلام المسموعة، والمرئیة، وما یعرف بالإعلام الجدید “الإنترنت”؛ وذلك لضمان وصول الرسالة لأكبرعدد من الجمھور.
وفي السیاق ذاته، إذا تحدثنا عن قضایا التحرش الجنسي، لابد أن نولي اھتمامًا لفئة الأطفال والمراھقین، فعلى العكس مما یعتقد البعض، فتلك الفئة ھي الأكثر احتمالیة للوقوع ضحیة للتحرش الجنسي؛ لعدة أسباب أھمھا: غیاب التوعیة والتثقیف الجنسي من قبل الآباء، وانعدام لغة الحوار والتواصل بین بعض الآباء والأبناء.
ما ھو التحرش الجنسي؟ وما أھم أشكاله؟
قبل السير في أغوار تلك القضیة والوقوف على الأسباب والحلول، لابد من وضع تعریف دقیق “للتحرش الجنسي”.. التحرش الجنسي ھو نوع من الإیذاء سواء كان لفظیًا أو بالملامسة، ینتھك فیه المتحرش خصوصیة المشاعر والكرامة والجسد للشخص المعتدي علیه، بشكل یبث عدم الارتیاح والرعب وفقدان الشعور بالأمان مستخدمًا الترویع والتھدید النفسي أو انتھاك الجسد بأفعال معینة، وله أشكال متعددة منھا: التحرش باللمس، التحرش بالكلمات، التحرش بالملاحقة والمتابعة، التحرش الإلكتروني، وبالنسبة للأطفال أو المراھقین ھو استخدام الطفل أو المراھق لإشباع الرغبات الجنسیة لبالغ أو مراھق أیضًا، ویتضمن ذلك تعریض الطفل لأي نشاط أو سلوك لھذا الھدف، وحمله على القیام بأفعال معینة تحت التھدید أو الترغیب، واستغلال طفولته وجھله أو سلطته علیه.
دور الآباء في توعیة الأطفال والمراھقین حول التحرش الجنسي:
ومن ھنا تأتي أھمیة دور الآباء والمدارس في التوعیة بھذا الشأن، كعنصریین محوریین في بناء شخصیة الطفل أو المراھق معًا للوصول إلى النتائج المرجوة، فعن دور الآباء لابد من اتباع بعض الآلیات، أھمھا:
ضرورة النظر للتحرش الجنسي أنه ظاھرة لا تحدث فقط بالشوارع أو المدارس أو الأماكن التي قد یرتادھا الطفل، بل أیضًا مع التطور التكنولوجي الذي نشھده الآن قد یصل التحرش الجنسي إلى منزلك وغرفتك، من خلال شاشات الھاتف المحمول أو الكمبیوتر وغیرھا من الأجھزة، ولذلك إذا كان الطفل قادر على استخدام الإنترنت، فقد حان وقت الحدیث عن “الأمان على الإنترنت” وأھمیة عدم تبادل معلومات شخصیة مع أي غرباء، بالإضافة إلى ضرورة تقیید الإنترنت بالمنزل وذلك بالرجوع لمزودي خدمة الإنترنت؛ للتأكد من حظر المواقع غیر المرغوب فیھا أو غیر الملائمة للطفل أو المراھق، وفي حالة معرفتك بتصفحه لإحدى المواقع غیر المناسبة لعمره، حاول ألا تغضب، واعتمد على الحوار البناء، فكن مصدره الأمن لأي معلومات یبحث عنھا، واجعله یتحدث ویلجأ إلیك دائمًا دون خوف.
إذا كان الطفل في عمر صغیر، فیتم شرح التحرش الجنسي إلیه من خلال تعریفه بالفروق بین اللمسة الآمنة، واللمسة غیر الآمنة؛ فاللمسة الآمنة ھي تلك التي تشعرنا بالحب والاطمئنان، كاحتضان الأم والأب أو أحد الأقارب، دون الحاجة لكشف جزء من الجسم أو رفع الملابس، ولكن نوضح للطفل أن الأم أو الأب لدیھم الصلاحیة لذلك عندما یقومون بتغییر ملابسه، ولكن لا یمكن لأي حد آخر رؤیة أعضائنا الخاصة أو لمسھا إلا الطبیب وذلك بحضور أحد الأبوین، أما اللمسة غیر الآمنة ھي تلك التي تنطوى على القیام بأشیاء تبث الرعب والخوف في نفس الطفل، عندما یقوم أحد الغرباء بملامسة أجزاء من أجسادنا لا یراھا إلا الأبوین، ویتم شرح ذلك للطفل بصورة مبسطة سواء بالشرح المباشر أو من خلال فیدیوھات كارتونیة مبسطة حسب فئته العمریة.
ألا یأخذ أي شيء من أي أحد لا یعرفه، وألا یتحدث مع الغرباء أو یرد على أسئلتھم دون إذن والدیه.
ألا یذھب لأي مكان مع أشخاص لا یعرفھم، وألا یركب سیارة مع أحد الغرباء أو یدخل منزله.
أعط الطفل أو المراھق مساحة آمنة للحدیث عما یمر به، ولا تقوم بالاستھزاء أو التقلیل من مشاعره؛ حتى تولد لدیه الشعور بالأمان والطمأنینة؛ فیبوح لك في حالة تعرضه للتحرش الجنسي، ولابد أن تطمأنھ دائمًا أن مقدار حبك لھ ثابت لا یتغیر مھما حدث.
دور المدارس في التوعیة بقضایا التحرش الجنسي:
وفي ھذا السیاق، كان لوزارة التربیة والتعلیم والتعلیم الفني، دور كبیر في تقدیم حلول لمواجھة تلك القضیة، من أھمھا :
- توعیة الطلاب للوقایة من ظاھرة التحرش الجنسى وكذلك أولیاء الأمور عن طریق مجالس الأمناء والآباء.
- متابعة كافة الشكاوى واتخاذ اللازم بشأنھا.
- التوعیة بضرورة الإبلاغ الفورى عن أى حالة تحرش جنسي بإخطار غرفة عملیات الوزارة.
- الإعلان عن التقریر الإرشادى الملحق فى لوحة الإعلانات فى مكان ظاھر بالمدرسة حتى یتحقق الھدف منه.
- تفعیل دور الأخصائى الاجتماعى بمخاطر التحرش الجنسى من خلال التدریبات اللازمة.
مقترحات للحد من الظاھرة:
باعتبار المدرسة بمثابة المنزل الثاني للطفل أو المراھق، باعتباره یقضى معظم وقتھ طوال الیوم ھناك، فلابد أن یُعقد ویُقدم برامج تدریبیة للأطفال والطلاب بدایةً من مرحلة الروضة حتى المرحلة الثانویة، مع مراعاة اختلاف الأدوات والوسائل التي یتم التوجه بھا إلى كل فئة بما یتناسب مع المرحلة العمریة، وضمان مشاركة كافة الطلاب في هذه الأنشطة.