جائحة كورونا أجبرت الكثير من دول العالم على اعتماد نظام التعليم الإلكتروني
كتب: أحمد سامي
مع تفاقم انتشار فيروس كورونا ((COVID-19 في جميع أنحاء العالم، باعتباره جائحة تعرض لها العالم بأسره، اعتمدت الكثير من دول العالم على استكمال المسيرة التعليمية من خلال التعلم الإلكتروني، أو ما يعرف بـ “التعلم أونلاين”، وهو ما يحمل بداخله عدد من المشكلات التي تواجه الأطفال أثناء دراستهم، فهو أسلوب جديد لم تتعود أولياء الأمور أو الأطفال عليه، فبعد انشغال الأم بأمور أطفالها، في محيط التعليم والمدرسة وتصرفاتهم تجاه زملائهم، باتت الأمور أكثر صعوبة الآن فهي تحمل على عاتقها مهمة تعليم أطفالها المادة العلمية وتوصيلها بالشكل المناسب ومحاولة تبسيطها.
وعلى المستوى الفسيولوجي فليس من الطبيعي اقتران الأطفال بمن هم دون سن الـ3 و4سنوات الجلوس أمام الشاشات الإلكترونية لساعات، دون القيام بأي نشاط جسدي أو حركي يُلزم الطفل على الحركة والركض والمشي في المنتزهات والساحات، فالأطفال في هذا العمر يحبون ذلك، غير أنه أمر إلزامي من أجل نمو المفاصل الأساسية للأطفال، ومنعاً أيضاً لحدوث السمنة في وقت مبكر كهذا.
فاستقطاب معلمين للمنزل من أجل سهولة توصيل المادة العلمية للطفل، سواء في فترة الروضة أو المدرسة قد يعتبر أمر مُكلف بالنسبة للآباء، مما يقع عليهم بالضرر المادي خاصةً إذا كانت تمتلك الأسرة أكثر من طفل، وجب عليها توصيل المادة العلمية إليهم بالشكل المناسب، فعلى الجميع أن يتخيل أماً تملك 3 أو 4 أطفال يجب عليها توصيل المادة العلمية و ربط جداول الحصص، والتفاعل مع الشرح الإلكتروني في آن واحد، مما وصل بالأطفال و أولياء الأمور إلى مشكلات نفسية وعصبية.
يعوق التعلم عن بعد من نمو الحالة الاجتماعية والعاطفية لدى الطفل، فهو يكرس وقته ومجهوده من أجل شاشات الأجهزة الالكترونية، دون القيام بأي نشاط حيوي آخر، وعلى ذكر الأطفال ممن يعانون من فرط الحركة والرغبة في اللعب والتنزه – وهو أمر طبيعي في هذه الفئة العمرية، فهم ايضاً من الساخطين على التعلم الإلكتروني باعتباره يحببهم عن ممارسة أنشطتهم الحركية المفرطة، بجانب معاناة أوليائهم من التحكم فيهم وإجبارهم على حضور الدروس الالكترونية.
وقد أعرب الدكتور أحمد فخري أستاذ علم النفس وتعديل السلوك المساعد، ورئيس قسم العلوم الإنسانية بجامعة عين شمس عن قبوله للتعلم الالكتروني في المراحل العمرية المتقدمة بالنسبة للطلاب في المراحل الثانوية والجامعية، باعتبارهم قادرين على موازنة المحصلة العلمية والتفاعلات الاجتماعية مع ذويهم، لكنه عبر عن صعوبة التعلم الإلكتروني بالنسبة للأطفال للمرحلة الابتدائية وما قبلها، فالأصلح هو حضورهم بشكل مباشر بالمدراس وحلقات التعليم المباشرة، من أجل تكوين العلاقات الاجتماعية وتعلم الفنون كالرسم والموسيقى وممارسة اللعب، كأحد الأنشطة التي يتطلبها الأطفال في هذه المرحلة العمرية، وعن سؤاله كيف يمكن إقناع الأطفال باستخدام الأجهزة الالكترونية للقيام بالعملية التعليمية؟، أجاب بأنه على الجهات الموجهة للعملية التعليمية إضفاء الجانب المعرفي والثقافي للطفل في هذه الأعمار، عن طريق ابتكار العاب التفكير وتنشيط المهارات العقلية في شكل تفاعلي جذاب، أما بالنسبة لأولياء الأمور فهم ايضاً مكلفون بانتقاء البرامج التعليمية الجيدة والتفاعلية على الشاشات الالكترونية، من أجل تحفيز الطفل على استخدام هذه الشاشات في العملية التعليمية.
أضاف فخري قائلاً نناشد نحن كتربويين ومسئولين عن العملية التربوية بالمجتمع، تيسير اكتساب الجانب النفسي والاجتماعي بشكل متكامل و بالدرجة المطلوبة لدى الطفل، من خلال اشتراكه بالأنشطة الاجتماعية والطلابية بشكل مباشر في هذه المرحلة العمرية، التي تقدمها المؤسسات التعليمية مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية في ظل انتشار الوباء العالمي.
وتابع الدكتور سامي محمد علي أبو بيه أستاذ علم النفس وعميد كلية التربية الأسبق بجامعة المنوفية، أن نظام التعلم الإلكتروني يحمل في طياته عوامل ضعف تقلل من استيعاب الأطفال للعملية التعليمية بالشكل المناسب، فقد يمتلك الطفل الرغبة في التعلم و الدافع في معرفة المواد الدراسية، لكن العوائق التي يحملها النظام الالكتروني، تؤدي إلى صد رغبة الأطفال في التعلم، مؤكدا أن التفاعل المباشر مع الأطفال هو خير وسيلة لتعليم الأطفال، حيث أنه لا يمكن بأي شكل التفاعل مع الطالب وممارسة العملية التعليمية بشكل الكتروني فقط، فيلزم الطالب بضرورة الاستماع فقط وعدم إتاحة الفرصة للتعبير عن رأيه أو الاستفسار عن النقاط الصعبة، فهو بذلك يفقد سمة أساسية ابتدعها الله سبحانه وتعالى بالطفل، وهي حب الاستطلاع لأنها البنية الأساسية لتكوين العالِم.