شاهدنا منذ أيام افتتاح الرئيس للجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا ببرج العرب وهى الجامعة التى تعمل منذ 2010 ولكنها لم تتفتح رسمياً الا هذا الأسبوع. بعد اكتمال مراحلها والمعامل والبنيه التحتيه لها فهى تأسست كجامعة حكومية مصرية ذات شراكة يابانية منذ 2010, بالتأكيد جامعة يابانية خارج حدودها وعلى أرض مصرية هى إنجاز خاصة وان دولة اليابان الصديقةدولة متحفظة ودقبقة الاختيار فى التعاون مع العالم الخارجى علمياً..أذن خلف أسوار هذه الجامعة حكايات وأدوار وأسرار وشخصيات كانت هى الفاعل والمحرك فى أنشائها .
عن البداية كيف كانت وكيف بزغ نجم هذه الجامعة ؟ حاورت مؤسسها واول من ترأسها الدكتور احمد بهاء خيرى..
البداية ..لقاء عابر بين صديقتين مصرية ويابانية كانتا تعملان سوياً أبان فترة الشباب فى فى مكتب أمين عام الأمم المتحدة فى نيويورك وتفرقت بهم السبل والتقتا بعد سنوات طوال, فكانت المصرية هى وزيرة التعاون الدولى واليابانية هى رئيس هيئة الجايكا اليابانية !.المصرية هى السيدة فايزة ابو النجا واليابانية هى السيدة (صداكو أوجاتا )وبعد السلامات والاشواق بين الصديقتين طلبت منها السيدة فايزة ابو النجا ان يمدا جسر الصداقة بين بلديهما الى مجال العلوم والتكنولوجيا الذى تتميز به اليابان عالمياً ,وراقت الفكرة للسيدة صداكو ونقلتها الى الجهات المختصة فى اليابان .
لكن ماهى مبادرة التعاون التى من الممكن ان تجمع مصر واليابان؟وهنا يأتى دور الأب الروحى للجامعة الذى فكر وبحث حتى وصل الى آلية التعاون الممكنة والأكثر فاعلية واستفادة من اليابان وهو الأستاذ الدكتور احمد بهاء الدين خيرى .أستاذ إدارة الذكاء الإصطناعى بهندسة اسكندرية. والذى بدأ دوره فى 2005 بعدما استدعاه د عمرو سلامة وزير التعليم العالى من كندا حيث كان يعمل مستشارا ثقافياً هناك ليعيد معه هيكلة الوزارة على افضل النظم الحديثة وفى يناير 2005 تم تعيينه وكيل اول الوزارة للعلاقات الدولية
ونأتى للصدفة أوالقدر الذى وضعه على طريق آخر .. حيث هاتفه يوماً زميله د جلال عبد الحميد احد أقطاب وزارة التعليم العالى لسنوات طويلة وكان يشغل كبير مستشارى وزير التعليم العالى وطلب من د خيرى بشكل شخصى ان يحل محله فى مقابلة هامة ستتم بعد يومين لأنه مريض ولن يستطيع الحضور وقال له اللقاء سيحضره مجموعة من الشخصيات رفيعة المستوى على رأسهم السيدة فايزة أبو النجا ومجموعة من هيئة الجايكا و الدكتور اسماعيل سراج الدين ( كن مرشحاً لرئاسة مكتبة الاسكندرية وقتها ) والدكتور فاروق اسماعيلرئيس جامعة القاهرة السابق وأحد خريجى اليابان البارزين فى الدكتوراه وآخرين وكان مطلوب حضور ممثل للتعليم العالى ومعه مقترح لألية التعاون مع اليابان من وجهة نظر الوزارة ..
وهنا أستكمل الذكريات مع الدكتور خيرى ليسرد لى باقى الحكاية : فقال بعد تنهيدة عميقة رجعتينى لمشروع عمرى كله ..وأردف ..سألنى دكتور عبد الحميد على الهاتف سؤال مباغت.. فى رأيك ماهى أفضل آلية تعاون بينا وبين اليابان ؟ فكرت برهة وأجبت أفضل آلية تعاون معهم هى جامعة مشتركة ..فقال لى تمام ممكن تضع اقتراحك مفصلاً على ورق وتقدمه خلال اللقاء للسيدة فايزةابوالنجا. عدت الى المنزل وفكرى مشغول, باق من الزمن يوم ونص ومطلوب منى ان أضع مشروع متكامل باسم وزارة التعليم العالى,دخلت حجرة مكتبى وطلبت من أهل بيتى أن يعاملونى كالسجين اى لا يقطعون خلوتى أطلاقاً وان يضعوا لى الأكل على الباب ! وبالفعل عكفت مستقيظاً بلا نوم إطلاقاً حتى كتبت 18 ورقة فى مشروع الجامعة ومرتكزاتها وكتبت اسمها بثلاث لغات العربية والانجليزية واليابانية ( الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا ) وأرسلت لزميل لى يجيد اللغة اليابانية ليترجمه (E JUST).
وماذا بعد.. كيف مضى مسار المقترح؟
ويقول د خيرى : بعد أسبوعين استقبلنى الدكتور عمرو سلامة وهو يضحك جدا ويقول ( انت عملت ايه لليابانيين) اتبسطوا جدا من المقترح ومشروع الجامعة الذى قدمته لهم وهناك وفد كبير من الجايكا والخارجية ومن جهات أخرى وعلى رأسهم رئيس جامعة طوكيو أكبر جامعة عندهم سيأتى للوزارة للتفاوض وبالفعل مكثوا اسبوع كامل بالوزارة اجتماعات ومشاورات وكنت انا على رأس لجنة من التعليم العالى المصرى مكونة من أساتذة من القاهرة وعين شمس وايضا عميد هندسة اسيوط د احمد ابو اسماعيل رحمة الله عليه وكان له دور بارز فى تأسيس الجامعة.
مفاوضات صعبة مع اليابانيين:
هل كانت المفاوضات سهلة مع الجانب اليابانى , هل انبهارهم بالمقترح جعلهم يوافقون بسرعة ؟
بالعكس كانوا فى البداية مستفزين لنا بأسئلتهم مثل ( لماذا ترغبون فى جامعة مصرية يابانية ) ( وماهو اللون المفضل لديكم للمعامل ) مثلا وكان هدفهم هو التثبت من كفاءة المفاوضين امامهم وفى النهاية اتفقنا على تقديم 30 سؤال وسنقدم لهم الإجابات وبعدها نبدأ التفاوض واستمرت المفاوضات ثلاث سنواتمن 2005 الى 2007 مرة فى القاهرة ومرة فى طوكيو وقطعنا شوط طويل واجرينا دراسة جدوى للجامعة ووضعنا تصور لمكوناتها والغرض منها من كل النواحى ودورها عربيا وافريقيا والجانب اليابانى قام بدراسة أخرى موازيةةمستقلة .واجتمعنا فى طوكيو بين اللجنتين المصرية واليابانية وظهر ان هناك95% نسبة تطابق بين الدراستين المستقلتين وهو ساهم بشكل قوى فى بناء جدار الثقة بينا وبينهم واننا واعيين ونعلم جيدا ماذا نريد .ونال الجانب المصرى احترام وتقدير الجانب اليابانى .
شخصيات وأدوار هامة :
من هى الشخصيات الأخرى الفاعلة التى ساعدت فى ظهور مشروع الجامعة للنور ؟من الشخصيات التى لعبت دوراً بارز ومحورياً فى تقريب وجهات النظر بين الجانبين المصرى واليابانى هما السفير مروان بدر سفيرنا فى طوكيو والسفير الذى تولى بعده السفير وليد عبد الناصر والذى يتولى حاليا واحدة من أهم لجان الأمم المتحدة
فقد لعب السفيران دورهم الدبلوماسى على أكمل وجه فى مرحلة تجهيز الجامعة حيث جاءوا إلينا بكل الشخصيات النافذة فى دوائر صنع القرار اليابانى لكى يتعرفوا على المشروع ويتحمسوا له.
– ومتى أعلن الجانبان المصرى واليابانى عن بدء تنفيذ مشروع الجامعة المشترك ولماذا اخترتم مقرها بالاسكندرية ؟
فى 27 ابريل 2007 جاء الى مصر رئيس الوزراء اليابانى( شينزوا آبى) وقابل الرئيس المصرى مبارك وأعلنا فى مؤتمر صحفى مشترك عن انشاء الجامعة .وتم اختيارالاسكندرية كمقر للجامعة بعد مناقشات كثيرة حول القاهرة والاسماعيلية والإسكندرية وتم عمل رحلات تفقدية من الجانب اليابانى للأماكن الثلاث,لكن فى الاسكندرية اطلعوا على برنامج الطب الماليزى وبرنامج فرجينيا بالتعاون ببن جامعة اسكندرية وفرجينيا وهما برنامجين قمت بإنشائهما بجامعةالإسكندرية فنال إعجابهم حسن تنظيم البرنامجين
وقيام أساتذة الإسكندرية بإعبائهما بكفاءة مشهودة فاستقر أختيار اللجنة على الأسكندرية ومع العلم ان اللجنة كانت متغيرة حتى يكون رأيها محايداً
ويكمل د خيرى ذكرياته مع انشاء الجامعة اليابانية :
فى 2009 تم استدعائى لزيارة اليابان فى اجتماع خاص مع ولى عهد اليابان- الأمبراطور الحالى – وكان معى السفير هشام الزميتى سفيرنا فى اليابان فى ذلك الوقت -وذلك لكى يعبر ولى العهد عن اهتمامه وسعادته بإنشاء الجامعة اليابانية فى مصر .كما قمت بعدة جولات فى دول فى افريقيا شمالا وجنوبا بمصاحبة السفير اليابانى للحديث عن مشروع الجامعة وكان الجانب اليابانى يروج لفاعلية التعاون معه فى مجال العلوم والتكنولوجيا كجزء من دورها فى التنمية البشرية .
ترشيح فى أخر ربع ساعة :
كيف تم أختيار رئيس للجامعة وهل صحيح انك كنت رافض هذا المنصب فى البداية ؟
الجانب اليابانى اكد على اختيار رئيس للجامعة اما الجانب المصرى فقد تحفظ فى البداية عن تعيين رئيس لها لكن الجانب اليانى أصر كيف لا يكون للجامعة من يمثلها .فقررمجلس الامناء المشترك تشكيل لجنة لإختيار رئيس الجامعة على النسق الدولى وتكونت من أربع رؤساء جامعات مصرية واربع جامعات يابانية وايضا تم اختيار السفيرة مرفت التلاوى والدكتورة هند حنفى للتحكيم .. وتم عمل اعلان وتقدم 85 شخصية من دول مختلفة تم تصفيتهم الى ثلاثة فقط.
والحقيقة ان الجانب اليابانى كان معترضاً على عدم ترشحى أو تقدمى للمنصب على الرغم من أنى مؤسس مشروع الجامعة من الألف الى الياء وفوجئت برئيس هيئة الجايكا يطلب أن اتقدم للمسابقة وبالفعل تقدمت قبل اإنتهاء الإعلان بربع ساعة وكانت المفاضلة ما بينى ومابين مرشح امريكى وكندى ومصرى آخر
وجاءت النتيجة كالآتى الأمريكى حصل على 47 درجة والكندى 25 درجة وأنا حصلت على 94درجة من 100 درجة أما الزميل المصرى فقد خرج من المسابقة من بدايتها وتم اختيارى رسمياً رئيساً للجامعة رغم أنه ضد رغبة وزير التعليم العالى وقتها!! والذى أراد ترك المنصب شاغرا وبدأت الجامعة تأخذ صفة الرسمية بمجلس أمناء يحكمها ويتراسه د يسرى الجمل وزير التعليم السابق ورئيس جامعة يمثلهارسمياًفى ديسمبر 2010.
للمزيد:
فى الجزء الثانى من الحوار :
سنتعرف على التحديات والصعوبات التى واجهت الجامعة وكيف تغلبت عليها ؟
كيف تم اختيار برج العرب كمقر لها ؟
ولماذا استقال د احمد بهاء خيرى من رئاسة الجامعة ؟
Comments 1