كتب ـ أنور عبد اللطيف:
سألت العالم الكبير الدكتور فاروق الباز كيف تفسر غضبة الرئيس عندما شاهد حجم التعدى على الأرض الزراعية وما حقيقة جهاز الترصد الذى استخدم التكنولوجيا كشف أكبر عيوبنا وهو التعدى على أمنا الأرض الزراعية ؟ وبدون مقدمات أترك العالم الكبير يقدم باب الأمل لكل الذين يبحثون عن مخرج من الوادى المخنوق بالتاعديات يقول:
فاروق الباز: “اللي يبنى .. يبنى فوق المبنِى”
ـ ببساطة الحل فى قاعدة “اللي يبنى .. يبنى فوق المبنِى” وهى مقولة أطلقتها اثناء ثورة ٢٠١١ ، عندما هجم بعض الفسدة على حرمة الأرض الزراعية، وانتهزوا حالة الاضطراب التى سادت البلاد وبدءوا الحيازة الانانية لأراضي مصنفة للزراعة، وأراض تتبع شركات عامة مثل الحديد والصلب، وحولوها إلى مبانى بالخرسانة المسلحة. ينتج عن هذا العمل الأناني الكريه – في كل الأحيان – مكسب شخصي كبير للفرد وخسارة طويلة المدى على الوطن. الماساة هنا مضاعفة لأن هذا التعدى على الأرض التي انتجت غذاء المصريين والعالم منذ أيام القدماء لا يمكن إصلاحها وإعادتها للزراعة مرة أخرى!
جاء كل هذا الى ذهني وانا استمع الى سرد السيد اللواء أ. ح. شريف أحمد صالح مدير إدارة المساحة العسكرية عن التجهيزات التكنولوجية الحديثة التى تمكن إدارته حاليا من التعرف على التغييرات التي تتم في أي مكان بمصر بواسطة متابعة صور الأقمار الصناعية الدقيقة، وكان كلام الواء شريف موثقا بصور وخرائط توضح ماقاله جليا وماجرى للقرى والمدن والأحيزة العمرانية، على مدى 10 سنوات!
وعندما أوضحت الصور تعديا جائرا على أراضي زراعية فى إحدى الأحوزة اسعدني ان السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي علق على هذا الوضع بحزم وغضب – لا يقبل اي تفسير اخر – وقال ان هذا الاعتداء على الأراضي الزراعية سوف يقابل بردع شديد. السبب في هذه الشدة هو ان الرئيس السيسي يعلم تماما ان الاقلال من مساحة الأرض المنزرعة يعنى ازدياد الدين سنويا لشراء الطعام الذى يحتاجه شعب مصر وخاصة لدعم استيراد القمح – بعد ان كان انتاج مصر من الحبوب يكفيها ويكفى اهدائها لأهل شبه الجزيرة العربية وباقى الجيران فى الاقليم.
ـ وهل البناء الرأسى هو الحل عالمنا الجليل فاروق الباز؟
ـ لا يصح بأي حال من الأحوال البناء فوق أراضي وادي النيل والدلتا الصالحة للزراعة. ولاننا نعرف ان التعداد السكانى يتزياد على الدوام وبأفواه جديدة واحتياجات، فالأجيال الجدد يحتاجون الى مأوي فان الحل الوحيد في وادى النيل والدلتا هو ما يوضحه العنوان:”اللى يبنى … يبنى فوق المبنى.” بمعنى أن يكون التوسع للضرورة القصوى فقط رأسيا وليس أفقيا، يفعل ذلك كل اهل الدول التي تكتظ بالسكان مثل الهند وباكستان حيث يتم تحريم الاعتداء على الأراضي الخصبة. وعسي ان يتم ذلك بسرعة وعزم حتى لا تضطر مصر اخذ قرارات قاسية مثل ما اضطرت الصين ان تفعله وهو تحديد النسل لكل اسرة بطفل واحد أيا كان ذكرا او انثي.
في نفس الوقت يمكن فتح آفاق جديدة للتوسع العمراني بالمساحات المستوية علي جانبي وادي النيل وخاصة فى المساحة الواسعة غرب وادي النيل والدلتا. واضيف في هذا المجال ان مقترح “ممر التنمية” أوضح ان هناك حوالي عشرة ونصف مليون فدان من ارض مستوية تصلح للانماء في غرب مساحة المعيشة في مصر (كما توضح الخريطة الفضائية المرفقة) لان الأراضي في شرق وادى النيل غير مستوية بل قاحلة وتكثر فيها الجبال الشاهقة والأودية الواعرة.
ـ معني ذلك أن هناك بدائل لخنق المدن وتقلص الأرض الزراعية في مصر؟!
ـ البدائل موجودة بشرط اذا ما تحسن الفكر وحاول الناس خلق اماكن جديدة للتوسع دون الاضرار بمصلحة الوطن ومستقبل الأجيال القادمة.
ـ وروشتة الدكتور فاروق الباز بخطوات محددة كما عودتنا؟
ـ الروشتة مع تحسن الفكر واستغلال حالة الشجاعة التى يتحلى بها النظام الآن، علي الدولة ان تخطط لعمل ما يلي:
1. تحريم البناء على اى مساحة جديدة بوادى النيل والدلتا داخل نطاق الأرض الخصبة لأى سبب ويشمل هذا التحريم أيضا ما تتطلبه الوزارات والمحليات وباقى المؤسسات.
2. فتح آفاق جديدة للتوسع العمراني بالصحراء المستوية (التي لا تصلح للزراعة).. وخاصة المساحات المستوية غرب وادى النيل والدلتا.
3. تشجيع الشباب لفتح افاق جديدة للانماء في هذه المساحات الجديدة بتيسير الديون ذات الفائدة القليلة من البنك الأهلى.
4. تشجيع الاعلام على القيام بحملات تؤهل الناس لقبول هذه التوجهات وشرح أسبابها ومحاسنها لعامة الناس في صورة تليق بالحملة.
5. البدء في الإعداد لمد المرافق الأساسية للأماكن المرشحة للتوسع العمراني والصناعي والزراعي والتجاري في المساحات التنمية الجديدة.
أحدث صور لخريطة مصر من للقمر الصناعي “لاندسات” .. توضح مساحة مستوية تصل الى ١٠ ونصف مليون فدان غرب النيل والدلتا. تصلح هذه المساحات للتمدد العمراني والصناعي والتجاري والزراعي فى بعض الأماكن ، مما يعد بديلا مقنعا ومنطقيا عن هدر الاراضي الصالحة للزراعة، كما طالب السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي. على جانبي الخريطة أوضح هنا أمثلة للنشاط التنموي بعد نشر مقترح “ممر التنمية” على الملا.
1. غرب الدلتا: منطقة تشمل على جزء لدلتا النيل القديمة جنوب غرب الدلتا الحالية.
2. غرب الفيوم: مساحة مستوية كانت مخزنا سنويا يحجز فيها قدماء المصريين مياه الفيضان
3. غرب مطاي ـ المنيا: منطقة صاحة للزراعة حيث يتم فيها انتاج الحبوب والري بالرش
4. غرب أسيوط: هضبة مستوية كان النيل يصل اليها في سنوات الفيضان الكبرى
5. غرب قنا: مسطح واسع جدا يؤهل التوسع في جميع المجالات التنموية
6. غرب اسنا: منطقة رملية مستوية تؤهل التوسع العمراني والزراعات الخاصة
7. غرب كوم امبو: احسن المناطق زراعيا لأنها مغطاه بطبقة سميكة من الطمي
8. غرب أسوان: منطقة مستوية بدات جامعة اسوان التوسع فيها فعليا