مصر بلد سياحى.. مقولة ثابتة تاريخياً وجغرافياً فى الحاضر والماضى والمستقبل ..فقد حباها الله بكل أنواع السياحة الأثرية والدينية والطبيعية والشاطئية والثقافية وبموقع جغرافى متميز يتوسط القارات الثلاث ولديها امكانات تجعلها الدولة المُلهمة ,فكما كان ومازال ازهرها الشريف هوكعبة العلم لكثيرمن طلاب العلم فى الشرق الأدنى والأقصى ,وكما كانت جامعتها القاهرة هى الملاذ العلمى والفكرى لكل أبناء المنطقة العربية والافريقية حيث كانت مصنع تشكيل الوعى والتنوير لكثيرين من قيادات هذه الدول الذين تخرجوا فيها واصبحوا قيادات لبلادهم فيما بعد ,مصر الآن على خطى استعادة المكان والمكانة بما لديها من أمكانات تؤهلها بكل قوة للدخول فى مجال جديد يضاف على خريطتها السياحية, سياحة التنوير وتحقيق الذات وهى السياحة التعليمية.
12مليار جنيه عائد متوقع من السياحة التعليمية سنوياً في مصر:
فالسياحة إجمالًا هى عصب اقتصادى لمصر يشكل دخلها 10% من الناتج القومى وتشكل محوراً هاماً من محاور التنمية ، لما يقوم به قطاع السياحة من دورهام في دفع عجلة النمو، وخلق فرص العمل، وتحريك النشاط الاقتصادي في العديد من الخدمات والأنشطة الأخرى المرتبطة به, لذا فإن انتعاش هذا القطاع يعني الحركة في هذه الأنشطة والخدمات بالتبعية من تنمية عمرانية وسكنية وفندقية وترفيهية ومطاعم فالسياحة التعليمية من أفضل الطرق للتنمية فبلاشك اذا أردت تعميرمكان جديد انشىء له جامعة .
وهو ما حدث فى مصر فى أواخر التسعينات عندما نشأت أول أربع جامعات خاصة فى مصر فى مدينة 6 اكتوبرفتحت الباب لبداية تدشين مفهوم السياحة التعليمية فى مصر بإستقبالها للطلاب العرب للتعليم بكل كلياتها وهو ماساهم بلاشك فى تنشيط حركة التعميروالتنمية الأقتصادية للمدينة بخلق فرص ومجالات عمل لخدمة السائح التعليمى .. فالفارق شاسع بين زيارتى الاولى لمدينة 6 اكتوبر عام 1993 والزيارة الثانية فى 1999بعد نشأة الجامعات ب3 سنوات فقد وجدت حياة وعمران سكنى وتجارى ومواصلات وخدمات ومحلات ونوادى واماكن ترفيه وغيرها اى تغيير سريع لوجه الحياة فى المدينة التى كانت صامتة !
ويحضرنى هنا مشهد فى إحدى زياراتى لألمانيا 2006 حيث زرت جامعة توبنجن أحد اقدم وأعرق جامعات المانيا التى تقع فى مدينة توبنجن تلك المدينة القديمة الصغيرة التى نشأت حول الجامعة يقال عنها (توبنجن ليست مدينة، وإنما هي جامعة توبنجن) فهى مدينة صغيرة ، في ولاية بادن فورتمبرغ، باحتضانها للجامعة الشهيرة التي يدرس فيها ويعيش بها ، نحو30 ألف طالب،أى ثلث سكان المدينة و يضاف إليهم 4500 من العلماء والباحثين وطلبة الدكتوراه. وتشغل الجامعة مايقرب من 9 آلاف شخص في مؤسساتها وإداراتها ومطاعمها ومرافقها الأخرى, فهى مدينة نشأت وتتمحور حياتها بالجامعة علماً وعملاً .
ومصر الآن تمضى على طريق أن تصبح مقصداً أومركزاً تعليماً وسياحياً ليس فقط للطلاب الأفارقة والعرب وإنما للعالم بجامعاتها الخاصة والأهلية .
وفى مقدمة تعمير العاصمة الادارية الجديدةتقرر انشاء6 جامعات والتى انطلقت منها جامعتين وهما الكندية والتطبيقية الدولية الألمانية وعلى الطريق أربع جامعات أخرى وتُعد هذه الإستراتيجية لتفعيل السياحة التعليمية خطوة بناءة وإتجاها صحيحا لترويج مصر سياحيًا.
أتوقف أمام الجامعات الأهلية الأربعة, جامعة الملك سلمان الدولية فى جنوب سيناء، وجامعة العلمين الدولية فى مطروح، وجامعة الجلالة ومقرها هضبة الجلالة بالسويس ، وجامعة المنصورة الجديدة بالمنصورة وهى التى ستضع بلاشك محافظاتها على خريطة البحث العلمى وايضا على خريطة التنمية والعمران وخريطة السياحة التعليمية من محافظات مصر الحدودية (كمطروح وجنوب سيناء) الى قلب الدلتا فى المنصورة و الجامعة الأهلية هي جامعة ليس الغرض منها الربح ويتم تأسيسها بالشراكة بين مجموعة من المؤسسات والجمعيات الأهلية وتقدم برامج تعليمية جديدة، ومواد تعليمية متطورة تهتم بالجانب التكنولوجي والتدريس التطبيقي العملي وفقًا للمناهج في الجامعات العالمية وهو ما يروج لها ويجعلها فى مصاف الدول المستهدفة للتعليم , بالإضافة الى أن كثير من الطلاب يفضلون التوجه إلى البلدان ذات المعالم التاريخية المميزة والمعالم السياحية ليشعروا بالنقلة الكبيرة في حياتهم ويشعروا فى نفس الوقت بالألفة والقرب من شعب الدولة التى أختاروا التعلم بها , وجدير بالذكر أن مجمل الانفاق للطالب الوافد (6) اضعاف انفاق الفرد المصرى .
وهناك احصائيات تؤكد ان اجمالى العائد الناتج على كل طالب وافد تصل بالمتوسط الى 15 الف دولار سنويًا ،تشمل الرسوم داخل اماكن التعليم والمعيشة والانفاقات غير المباشرة التى ينفقها الطالب وايضا لزيارة اقاربة وأهله له ، الأمر الذي يجعل العائد السنوي ل 90 الف طالب وافد بطريقه حسابية مايقرب من1.350مليار دولارأى مايوازى 12 مليار جنيه السياحة التعليمية هى نموذج تربوي ، يُضيف قيمة للمجتمع من خلال زيادة مستوى التعليم، وخَلق فرص اقتصادية جديدة
لذا لابد من التطوير والابداع وعدم التكرار وترك النمطية في جامعاتنا وكذلك المحافطة على هذا الاستثمار البشري لتستعيد مصر مكانتها كمنارة من منارات العلم والمعرفة وعاملاً من عوامل الإبداع الفكري .